فهذه أيام الصيام التي يشرع فيها وأفضل الصيام أن يصوم الإنسان يوما ويفطر يوما كصيام داود عليه الصلاة والسلام ولئن انقضى قيام رمضان فإن القيام لا يزال مشروعا لا يزال مشروعا كل ليلة من ليالي السنة حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم ورغب فيه وقال: ( أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : ( من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ) فاتقوا الله تعالى وبادروا أعماركم بأعمالكم وحققوا أقوالكم بأفعالكم فإن حقيقة عمر الإنسان ما أمضاه في طاعة الله وإن الكيس من دان نفسه أي حاسبها وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمني على الله الأماني أيها المسلمون لقد يسر الله لكم سبل الخيرات وفتح أبوابها ودعاكم لدخولها وبين لكم ثوابها فهذه الصلوات الخمس آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين هي خمس في الفعل وخمسون في الميزان من أقامها كانت كفارة له ونجاة يوم القيامة شرعها الله لكم وأكملها بالرواتب التابعة لها وهي اثنتا عشرة ركعة أربع قبل الظهر بسلامين وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر من صلى هذه الأثنتي عشرة بنى الله له بيتا في الجنة أعيدها مرة ثانية هي أربع قبل الظهر بسلامين وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر من صلى هذه الأثنتي عشرة بنى الله له بيتا في الجنة ومن فاتته الراتبة التي قبل الصلاة فليصلها بعدها وهذا الوتر سنة مؤكدة سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله وقال : ( من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم من آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة ) وذلك أفضل فالوتر سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان أن يدعها حتى قال بعض العلماء إن الوتر واجب يأثم بتركه وقال الإمام أحمد ( من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة ) وأقل الوتر ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة ووقته من صلاة العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر في الليل قضاه في النهار شفعا فإذا كان عادته أن يوتر بثلاث فنسيه في الليل أو نام عنه صلاه في النهار أربع ركعات لما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ) وأعلموا أن القنوت في الوتر ليس بركن فيه ولا بواجب فيه وإنما هو سنة إن فعله الإنسان فهو خير وإن تركه فليس عليه شيء بل الأولى ألا يداوم على القنوت وأما الوتر فليداوم عليه كل ليلة وهذه الأذكار خلف الصلوات المكتوبة كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته استغفر ثلاثة وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ومن سبح الله دبر كل صلاة ثلاث وثلاثين وحمد الله ثلاث وثلاثين وكبر الله ثلاث وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة: ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفر الله له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ) وهذا من توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) وهذه النفقات المالية من الزكوات والصدقات والمصروفات على الأهل والأولاد حتى على نفس الإنسان (ما من مؤمن ينفق نفقة يبتغي بها وجه الله إلا أثيب عليها (وإن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها ) والساعي على الأرملة و المساكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر ) والساعي على الأرملة والمساكين هو الذي يسعى بطلب رزقهم ويقوم بحاجتهم والعائلة الصغار والضعفاء الذين لا يستطيعون القيام بأنفسهم هم من المساكين فالساعي عليهم كالمجاهد في سبيل الله أو كالصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر أيها المسلمون هذه طرق الخير وهي كثيرة فأين السالكون وإن أبوابها لمفتوحة فأين الداخلون وإن الحق لواضح لا يزيغ عنه إلا الهالكون فخذوا عباد الله من كل طاعة بنصيب فقد قال الله عز وجل: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وأعلموا أنكم مفتقرون لعبادة الله في كل وقت وحين ليست العبادة في رمضان فقط لأنكم تعبدون الله وهو حي لا يموت وليست العبادة في وقت محدد من أعماركم لأنكم في حاجة للعبادة على الدوام وسيأتي اليوم الذي يتمني الواحد زيادة ركعة أو تسبيحه في حسناته ويتمني نقص سيئة أو خطيئة في سيئاته اذكروا قول الله عز وجل : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون:99-100)