(خطبة جمعة: أهمية تحفيظ القرآن الكريم (بدر العتيبي

Shishani

moderator
Staff member
(من المختارات لكم (86
خطبة جمعة: وتشتكي إلى الله - أهمية تحفيظ القرآن الكريم
http://badralitammi.blogspot.com/2015/07/86.html


وتشتكي إلى الله
(والخطبة الثانية: (أهمية تحفيظ القرآن الكريم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﷺ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102] (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1] (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد: الله اتقوا الله الجليل العظيم، وتمسكوا بدين الله القويم، وصراطه المستقيم.
ثم اعلموا أن لنا في قصص السالفين آية، وفي وقائع الصحابة مع النبي عبراً ودروساً، ذلك الجيل العظيم، خير القرون كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم : «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم».
ولأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم المواقف العظيمة، والأحداث المشرفة، والقرآن بينهم يُنزّل، والنبي صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم يرى ويسمع، فهم جيلٌ خيرٌ كلّه، رجالاً ونساء، كباراً وصغاراً، ومن عبرهم المأثورة، وقصصهم المشهورة، ما حصل للصحابية الجليلة خَوْلَةِ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ وكَانَتْ تَحْتَ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ وَكَانَتْ حَسَنَةَ الْجِسْمِ وَكَانَ بِهِ لَمَمٌ فَأَرَادَهَا فَأَبَتْ فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلِيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، ثُمَّ نَدِمَ عَلَى مَا قَالَ وَكَانَ الظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ مِنْ طَلَاقِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ لَهَا: مَا أَظُنُّكِ إِلَّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيَّ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ طَلَاقٌ وَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَغْسِلُ شِقَّ رَأْسِهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ زَوْجِي أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ تُزَوَّجَنِي وَأَنَا شَابَّةٌ غَنِيَّةٌ ذَاتُ مَالٍ وَأَهْلٍ حَتَّى إِذَا أَكَلَ مَالِي وَأَفْنَى شَبَابِي وَتَفَرَّقَ أَهْلِي وَكَبُرَ سِنِّي ظَاهَرَ مِنِّي، وَقَدْ نَدِمَ فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ يَجْمَعُنِي وَإِيَّاهُ تُنْعِشُنِي بِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: حَرُمْتِ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مَا ذَكَرَ طَلَاقًا وَإِنَّهُ أَبُو وَلَدِي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: حَرُمْتِ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ أَشْكُو إِلَى الله فاقتي ووحدتي فقد طالت معه صُحْبَتِي وَنَفَضَتْ لَهُ بَطْنِي، فَقَالَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا أَرَاكِ إِلَّا قَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ وَلِمَ أُومَرْ فِي شَأْنِكِ بِشَيْءٍ، فَجَعَلَتْ تُرَاجِعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَإِذَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: حَرُمْتِ عليه هتفت وقالت: أشكوا إِلَى اللَّهِ فَاقَتِي وَشِدَّةَ حَالِي وَإِنَّ لِي صِبْيَةً صِغَارًا إِنْ ضَمَمْتُهُمْ إِلَيْهِ ضَاعُوا وَإِنْ ضَمَمْتُهُمْ إِلَيَّ جَاعُوا، وَجَعَلَتْ تَرْفَعُ رَأْسَهَا إِلَى السَّمَاءِ وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ فَأَنْزِلْ عَلَى لسان نبيك فرجي، وَكَانَ هَذَا أَوَّلُ ظِهَارٍ فِي الْإِسْلَامِ، فَقَامَتْ عَائِشَةُ تَغْسِلُ شِقَّ رَأْسِهِ الْآخَرِ، فَقَالَتِ: انْظُرْ فِي أمري جعلني اللَّهُ فَدَاءَكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَقْصِرِي حَدِيثَكِ وَمُجَادَلَتَكِ أَمَا تَرَيْنَ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ وَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي أَخَذَهُ مِثْلُ السُّبَاتِ، وفي رواية: قالت عائشة: فلقد بكيتُ وبكى من كان في البيت؛ رحمةً لها، ورقةً عليها، ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فُسرِّي عنه وهو يتبسم، فقال: «يا خولة، قد أنزل الله فيك وفيه: قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها» ثم قال: «مريه أن يعتق رقبة» ، قالت: لا يجد، قال: «فمريه أن يصوم شهرين متتابعين» ، قالت: لا يطيق ذلك، قال: «فمريه فليطعم ستين مسكينا» ، قالت: وأنى له؟، قال: «فمريه فليأت أم المنذر بنت قيس فليأخذ منها شطر وسق تمر فليتصدق به على ستين مسكينا» وفي رواية: تَلَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِr: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ، الْآيَاتِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ كُلَّهَا إِنَّ الْمَرْأَةَ لَتُحَاوِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ أَسْمَعُ بَعْضَ كَلَامِهَا وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُهُ إِذْ أَنْزَلَ اللَّهُ: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ) الْآيَاتِ.

هذه خولة بنت ثعلبة رضي الله تعالى عنها:التي سمع الله شكواها من فوق سبع سموات فأنزل الله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي
تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة: 1].
هذه خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها:التي أنزل الله في شأنها سورة كاملةً في القرآن العظيم، وهي سورة المجادلة.
هذه خولة:التي قيل بأنها لما صارت عجوزاً في خلافة عمر بن الخطاب t عرضت له في الطريق، فاستوقفته، فوقف، فجعل يحدثها وتحدثه، فَقَالَ له رجل: يَا أمير المؤمنين، حبست الناس عَلَى هذه العجوز! فَقَالَ: ويلك! تدري من هي؟ هذه امرأة سمع اللَّه شكواها من فوق سبع سماوات، هذه خولة بنت ثعلبة التي أنزل اللَّه فِيهَا: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ في زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى الله) والله لو أنها وقفت إِلَى الليل مَا فارقتها إلا للصلاة ثم أرجع إليها.

في قصتها خبرٌ وعبر، ودروس وتربية، وأدبٌ وعقيدة:
[1] فيها سعة سمع الله تعالى؛وأن الله سميع عليم بعباده، حتى قالت عائشة رضي الله عنها: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسَعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ , وَجَاءَتْ خَوْلَةُ تَشْتَكِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَقَدْ خَفِيَ عَلَيْنَا بَعْضُ مَا كَلَّمْتُهُ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ) [المجادلة: 1] الْآيَةَ.
فراقبوا الله تعالى فيما تقولون، وليكن حياؤنا من الله أعظم من حيائنا من الناس.

[2] وفيها من العبر:رحمة الله تعالى، بتلك المرأة الضعيفة، التي ضاقت بها الحيل، وانقطعت عنها السبل، وغاب عنها المال، وكثر عليها العيال، فانقطع رجاؤها بجميع الخلق، فلم تجد أن تبث شكواها، ولا أن تعرض بلواها إلا على ربّها ومولاها، وتشتكي إلى الله القائل: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) [النمل: 62] ويقول تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186] فيا من ضاقت به الأمور، وشكى من أليم المقدور، وأدمى كبده المرض، أو أعياه الدين، أو انقطعت منه الحيل، ويرى أنه قد أغلقت أمامه السبُل، الله يسمع شكواك، وإلى دعائه دعاك، فاطرح الحاجات بين يديه، فالذي سمع شكواها كريم عليم، وهو يسمع شكواكم، كما سمع شكواها، وسمع شكوى يعقوب عليه السلام الذي قال: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [يوسف: 86] فأقرّ الله عيناه وأرجع له يوسف وأخاه.

[3] وفيها من العبر والدروس:أن النبي صلى الله عليه وسلم رسولٌ من ربّه عز وجل، يأتيه الوحي من الله تعالى، وينتظره في الوقائع والأحداث، فلما سألته خولة عن شأنها أفتاها بالحرمة المطلقة لأن صريح اللفظ التحريم، فجاء الوحي من الله تعالى بما يجب فيمن حرّم زوجته على نفسها ولم يرد الطلاق، وهو الظهار، وكفارته عتق رقبة قبل أن يمسها، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين قبل أن يمسها، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.

[4] وفيها من الدروس:أن الظهار حرامٌ لا يجوز؛ فقال الله تعالى: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) [المجادلة: 2] فوصفه بالله بالمنكر والزور، ثم رتّب عليه الكفارة الغليظة، فلا يجوز للرجل أن يقول لامرأته: أنت عليّ حرام، أو فلانة حرام عليّ، أو عليّ الحرام من فلانة، فكلّ ذلك من الظهار المحرم شرعاً.

[5] وفيها من الدروس والعبر:الحفاظ على الأولاد، ومراعاة أحوالهم عند الطلاق والفراق، فها هي حولة الفقيرة الكسيرة، وزوجها الكبر المسن، فتقول ما أصنع بأولاد لي: إن تركتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليّ جاعوا، فالأب ينفق ويغني، والأم ترعى وتضم، فليراعي الآباء والأمهات: أبناءهم ولو بعد الطلاق والفراق، ولا يكونوا ضحيةً بأيديهم.
بارك الله العظيم الجليل لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبـــــة الـثـــــانيــــة

الحمد لله: عباد الله، اتقوا الله تعالى وراقبوه، وتمسكوا بما أمركم الله تعالى من أمره، واجتنبوه نواهيه، (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر: 7].
ومن جميل ما يذكر وينشر، والشيء بالشيء يُذكر، ما جاء في سورة المجادلة من قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ * يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المجادلة: 5، 6].
وفيها نذارة وبشارة، إنذارٌ للذين يحادون الله ورسوله وترهيب ووعيد شديد، وبشارة بأن الله تعالى سوف يكبتهم كما كبت الذين من قبلهم.

وإن من محادة اللهِ ورسولِهِ صلى الله عليه وسلم بغضُ ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وكراهةُ ما أنزل الله تعالى عليه، ومن ذلك القرآن العظيم، وهو الهدى والنور والشفاء، وزكاة النفوس، وطب الأرواح، وشفاء الأسقام، وترياق الضلالة، وهو وسنة النبي صلى الله عليه وسلم بفهم السلف الصالح، مرجع هذه الدولة المباركة أدام الله عزّها، فيسرّ المؤمنين، ويغيظ أعداء الدين: انتشار حلقات تحفيظ القرآن الكريم، والاهتمام به في المدارس والمساجد ومعاقل العلم، فاحمدوا الله تعالى هذه النعمة، وهذا الشعار الظاهر للإسلام، فلا يكره تعليم القرآن، وتلقينه للصبيان، وتحفيظه للنساء إلا منافقٌ كشف الله طويته، ودفع عن المسلمين بليته، فاعرفوهم لتحذروهم، ولا تغتروا بنداءاتهم ومشاغباتهم عبر وسائل الإعلام، ودعواهم أن تعليم القرآن لا حاجة له، أو أنه سببٌ للإرهاب، فكلّ هذا زيفٌ وزور، وكذب وفجور، فالقرآن العظيم: أصل تهذيب النفوس، ومبدأ تزكية الأرواح، وميدان تدريب قوة الذكاء والتأمل والتدبر والحفظ، وأفضل كتابٍ للأدب، وأول كتاب لتقويم اللسان، وأجمل سِفرٍ في التاريخ، وأبلغ كتاب في المواعظ والعبر، وأطيب أسلوبٍ في القصص، وأوضح متنٍ في تعليم العقيدة والفقه، كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. من ابتغى العلم في غيره، أضله الله، ومن حكم بغيره، قصمه الله، وهو الذكر الحكيم، والنور المبين، والصراط المستقيم، فيه خبر من كان قبلكم، وبيان من بعدكم، والحكم فيما بينكم هو الفصل المبين، وهو الفضل، وليس بالهزل، وهو الذي سمعته الجن، فقالوا: إنا سمعنا قرآناً عجباً لا يخلق على طول الدهر، ولا تنقضي عبره، ولا تفنى عجائبه.

ثم اعلموا عباد الله، أن الله قد أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه، ثم ثنى بملائكته المسبحة بقدسه، ثم ثلث بكم معاشر المؤمنين من جنه وإنسه فقال عز من قائلٍ عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56] اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وارض الله عن الأئمة الحنفاء، الأربعة الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وعمن سار على نهجهم إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ووحد كلمة المسلمين عامة يا رب العالمين.
بدر بن علي بن طامي العتيبي
جامع التوحيد – بحي الفهد
الجمعة 15 شوال 1436هـ
 
Top