ردود على مؤتمر الشيشان

Shishani

moderator
Staff member
مؤتمر الشيشان
سماحة المفتي الشيخ العلامة: عبدالعزيز آل الشيخ


 

Shishani

moderator
Staff member
الحديث عن مؤتمر الشيشان
سماحة الشيخ: عبدالله الركبان، عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للإفتاء سابقا


 

Shishani

moderator
Staff member
مؤتمر الشيشان والحرب على الإسلام د. عبدالرحمن المحمود
أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض


 

Shishani

moderator
Staff member
تعليق فضيلة الشيخ : علي بن صالح المري على مؤتمر الشيشان

 

Shishani

moderator
Staff member
بَيانٌ وتِبيان عن حَقيقةِ مُؤتَمرِ الشِّيشان
علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
المشرف العام على مؤسسة الدرر السنية
http://www.dorar.net/article/1931

هؤلاء هم أهل السنة والجماعة حقاً وصدقاً أيها المؤتمرون في الشيشان
الشيخ العلامة المحدث: عبدالمحسن بن حمد العباد / حفظه الله
"محدث المدينة"، مدرس بالجامعة الإسلامية (وأول من ألقى فيها محاضرة) ومدرس بالمسجد النبوي
http://al-abbaad.com/articles/174492

مهرجان جروزني بين المؤتمر والمؤامرة
(الشيخ الدكتور: محمد السعيدي (جامعة أم القرى بمكة
http://www.mohamadalsaidi.com/?p=5290#.V8mv7piLTIU


(المتاجرة بمفهوم أهل السنة في سوق (الإسلام الروسي) و(الإسلام الأمريكي
http://badralitammi.blogspot.be/2016/09/109.html


 

Shishani

moderator
Staff member
بَيانٌ وتِبيان عن حَقيقةِ مُؤتَمرِ الشِّيشان
علوي بن عبدالقادر السَّقَّاف
المشرف العام على مؤسسة الدرر السنية
26 ذو القعدة 1437هـ
http://www.dorar.net/article/1931



الحَمدُ للهِ ناصِرِ عِبادِه المُؤمنِينَ الموحِّدين، الدَّاعين إلى اللهِ تعالى على بَصيرةٍ وعلى هَدْيِ سيِّدِ المُرسَلِين، وأصحابِه الطيِّبِينَ الطَّاهِرينَ، والتَّابِعينَ لهم بإحسانٍ إلى يَومِ الدِّين.

أمَّا بعدُ،

فقدِ انعَقَد في مدينة جروزني عاصمة جمهورية الشِّيشان، ولمدَّة ثلاثةِ أيَّام مؤتمرٌ بعنوان: (مَن هُم أهلُ السُّنَّة والجَماعة، بيانٌ وتوصيفٌ لمنهجِ أهل السُّنَّة والجَماعة اعتقادًا وفِقهًا وسلوكًا، وأثَر الانحرافِ عنه على الواقِع)، وقد انتهى المؤتمر يوم السبت 24 ذو القعدة 1437 الموافق 27 أغسطس 2016، وأصدر بَيانَه المُخزي، ثم أعْقَبه بتوصياتٍ عِدَّة.

وهذه وَقفاتٌ مع هذا المؤتمر المشؤومٍ؛ أُسجِّلها بيانًا للنَّاس، وتبيانًا للحقِّ، وتَعريةً لحقيقةِ هذا المؤتمرِ.

أولًا: انعقَد المؤتمرُ في مدينة غروزني عاصمة جمهورية الشِّيشان التابعةِ لروسيا الاتحاديَّة، وفي الوَقتِ الذي كانتْ كَلماتُ أعضاء المؤتمر تنالُ مِن عُلماءِ المسلِمين من أهلِ السُّنَّة والجَماعة ودُعاةِ التوحيدِ، كانتْ تُقصَفُ الصَّواريخُ الرُّوسيَّةُ على رُؤوسِ إخوانِنا في الشامِ، ولم يَصدُرْ أيُّ شَيءٍ في المؤتمرِ عن جرائمِ رُوسيا الشَّنيعةِ.

ثانيًا: راعِي المؤتمرِ هو رَئيسُ جمهوريَّة الشِّيشان رمضان قاديروف، المعروفُ بولائِه التامِّ للرَّئيس الرُّوسيِّ المجرِم بوتين، حتى إنَّه سَطَّر على صفحتِه على (الفيسبوك) بأنَّه جُنديٌّ من جُنودِ بوتين، وأنَّه وجنودَه مُستعِدُّون أن يُضحُّوا بحياتهم من أجلِ بوتين! فهل يَعي المؤتمِرون حقيقةَ هذا الرَّجُل

[URL='http://bit.ly/2bQHW8k']http://bit.ly/2bQHW8k[/URL]

ولولا الحياء والخوف من الله لوضعتُ رابطًا لمقطعٍ مرئيٍّ له وهو يرقص مع نساءٍ متبرجاتٍ احتفالًا بعيدِ ميلاد بوتين.


ثالثًا: رمضان قاديروف صوفيٌّ، خرافيٌّ، يزعُم أنه يحتفظُ بشَعرةِ للرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد أقام احتفالًا لاستقبالِها في مطار غروزني قادمةً من أوزبكستان، ويَزعُم أنَّ لديه قِطعةً مِن رِدائِه صلَّى الله عليه وسلَّم يَصِلُ طولها 50سم!

وهذِه بعضُ المقاطِع على اليوتيوب تُبيِّنُ حالَه وحالَ مستشاره:

1- مَقطعٌ مرئيٌّ يَظهَر في مقابلة تلفزيونية على قناة سكاي نيوز العربية: يتَّهم فيه الوهابيةَ بالخيانةِ لتعاليمِ الدِّين، ويقول عن المجاهِدين في سُوريَّة: إنَّهم ليسوا بمُجاهدِين وإنَّهم يُشوِّهون الإسلامَ.

http://bit.ly/2c2AYLJ

2- مقطعٌ مرئيٌّ يُظهر تخريفَ هذا الرَّجل، وفيه يَزعُم أنَّ لديه كُوبَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ويَرفعُه أمامَ الناسِ ويُقبِّله، وأنَّ لديه شَعرةَ الرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم ويُقبِّلها باكيًا، وفيها يَرقُص رقصةَ المجانين مع مجموعةٍ من مجاذيبِ الصوفيَّةِ، ويستقبلُ مفتي نظام الأسد حسون ويُرحِّب به، وفيه يقول: الوهابيُّون لَعنةُ اللهِ عليهم وعلى آبائِهم وأُمَّهاتِهم، ويَدَّعي زُورًا وبُهتانًا أنَّهم قتَلوا النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُقسِم باللهِ ليَقتلنَّهم!

http://bit.ly/2bwvZSb

3- مقطعٌ مرئيٌّ ثالِث لمستشارِه ومُدير إدارة الشُّؤون الدِّينيَّة بالشيشان، في مُحاضَرة له وهو يَدْعو صراحةً للاستغاثة بغيرِ الله من الأحياءِ والأمواتِ، ويهاجِم من يقول إنَّ هذا شركُ بالله.

http://bit.ly/2bumbOx

أفيليقُ بالمشَاركِين في المؤتمر المحسُوبين على العِلم الشَّرعي أن يشْكُروا رجلاً مشعوذًا محاربًا للتوْحِيد وأهلِه فيختُموا بيانهم بشُكْره قائلين: (كما تَقدَّم المشاركون بالشُّكرِ لفخامةِ الرئيس رمضان أحمد قديروف؛ لجُهودِه المبارَكةِ في خِدمةِ القُرآنِ الكريمِ والسُّنَّةِ المطهَّرة)؛ فعليهم مِن اللهِ ما يَستحقُّون!

رابعًا: والأُمَّة تَعيش أَحْلَك ظُروفِها، وقد تَكالَب عليها أَعداؤُها مِن كُلِّ حَدَبٍ وصَوْبٍ؛ بل تَواطَأ معهم فِرَقُ الرَّوافِض الضَّالَّة، وجيوشُ النصارى الحاقدة، كي يَضرِبوا أَهْلَ السُّنَّة عن قَوسٍ واحِدةٍ، يَتَفاجَأ العالَمُ الإسلاميُّ مِن قِلَّةٍ مَحسوبَةٍ على العِلْم الشَّرعي لا يُمَثِّلون إلَّا أَنْفُسَهُم يَجتمِعون تحت رعايةِ هذا المُجرم، لا لِيَعِظوه، ولا لِيُحَذِّروه مِن انْتِقامِ اللهِ له في تَأييدِه سَيِّده بُوتِين الذي يَقْصِفُ إخواننا في سُوريَةَ (وفيهم السُّنِّيُّ، والصُّوفِيُّ، والأشْعَرِيُّ، والماتِريدِيُّ)، ولا ليَدْعُوا إلى تَوحيدِ المسلِمينَ سَلفيِّهم وصُوفيِّهم وأشعريِّهم ضِدَّ صَليبيَّة الرُّوس، ونُصيريَّة الأسد، وصَفويَّة إيران، وطائفيَّة حِزب اللات؛ لا، بل ليُكرِّسوا الخلافَ بين المسلمين حتى في هذه الظروف العصيبة التي تمرُّ بها الأمة!!

خامسًا: صُدِّرَ بيانُ المؤتمر بهذه الجُملة: (أهلُ السُّنَّة والجَماعةِ هُم الأشاعرةُ والماتريديَّةُ في الاعتِقادِ، وأهلُ المذاهِبِ الأَربعةِ في الفِقهِ، وأهلُ التصوُّفِ الصافي عِلمًا وأخلاقًا وتزكيةً)، وهم بهذا قد خالفوا السُّنَّةَ وفرَّقوا الجماعةَ، وأخْرَجوا أئمَّةَ الإسلامِ -ممَّن عاشُوا قبل الأشْعريِّ والماتريديِّ كمالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ والبُخاريِّ ومُسلمٍ، وغيرِهم- مِن مُسمَّى أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، ودُونَ هؤلاء المؤتمِرينَ- في إثباتِ أنَّ هؤلاءِ الأئمةَ ومن سارَ على نهجِهم أشاعرةٌ أو ماتريديَّةٌ أو صُوفيَّةٌ- خَرْطُ القَتاد!

سادسًا: عَرَّض المؤتمرُ بمَن سمَّاهم المتطرِّفين- وغالبًا ما يُشيرونَ بهذا إلى أصحابِ المَنهجِ السلفيِّ- بكَلِماتٍ نابيةٍ، وبأنَّهم أصحابُ مَنهجٍ مُنحرِفٍ، وخَطيرٍ، ومُتطرِّفٍ، وأنَّهم اختطفوا لقبَ أهل السُّنَّةِ والجَماعةِ وقَصَروه على أنفُسِهم، وأنَّ مُؤتمرَهم هذا جاء كنُقطةِ تحوُّلٍ لاسترجاعِ هذا اللَّقب، ونحن نقولُ لهم: البَيِّنةُ على المدِّعي، أثْبِتوا أنَّ منهجَ الصحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم ومَن تَبِعهم كان أشعريًّا أو صُوفيًّا؛ حتَّى تَصفو لكم دَعواكُم!

وهذا نصُّ عِبارةِ المؤتمَر:

(هذا المؤتمرُ نُقطةُ تحوُّلٍ هامَّةٌ وضروريَّةٌ؛ لتصويبِ الانحرافِ الحادِّ والخطيرِ الذي طالَ مَفهومَ "أهل السُّنَّة والجماعة" إثرَ محاولاتِ اختطافِ المتطرِّفين لهذا اللَّقبِ الشَّريفِ وقَصْرِه على أنفُسِهم وإخراجِ أهلِه منه)

سابعًا: أوَّل توصيةٍ في المؤتمر كانتْ عن: (إنشاء قناة تليفزيونيَّة على مُستوَى روسيا الاتحاديَّة؛ لتوصيلِ صورةِ الإسلامِ الصحيحةِ للمُواطنين، ومُحارَبةِ التطرُّفِ والإرهابِ)، وهذه تَوصيةٌ سِياسيَّةٌ بامتياز! يجتمعُ كِبارُ صوفيَّة العالَمِ، ومِن كلِّ قُطرٍ إسلاميٍّ؛ ليُوصُوا بإنشاءِ قناةٍ تلفزيونيَّة تُبثُّ على مستوى روسيا الاتحاديَّة؛ لتوصيلِ صُورةِ الإسلامِ الصَّحيحةِ -زَعَموا- للمُواطنينَ الرُّوسِ والشِّيشانيِّين!! فهل هناك استهتارٌ وازدراءٌ بمَن شارَك في المؤتمرِ أكثرُ من ذلك؟!

ثامنًا: وممَّا يدلُّ على أنَّه مؤتمرٌ انتقائيٌّ، إقصائيٌّ أكثرُ منه عالِميًّا: ما جاء في التوصيةِ الثالثةِ في المؤتمرِ، وهو (ضرورة رفْع مُستوَى التعاوُنِ بين المؤسَّساتِ العِلميَّةِ العَريقةِ كالأزهرِ الشَّريفِ، والقرويين، والزيتونة، وحضرموت، ومراكز العِلم والبحثِ فيما بينها وبين المؤسَّساتِ الدِّينيَّة والعِلميَّة في رُوسيا الاتحاديَّة) مُستبعِدين بذلك مراكزَ العِلم الأخرى في العالَمِ الإسلاميِّ كلِّه.

تاسعًا: ومِن المُضحِكات المُبكِياتِ التوصيةُ الثامنةُ في المؤتمر، التي تُوصِي الحُكوماتِ بـ: (تَشريع قوانين تُجرِّمُ نشْرَ الكراهيةِ، والتحريضَ على الفِتنةِ، والاحترابَ الداخليِّ، والتعدِّي على المُقدَّسات)! وهل هناك ما يَنشُرُ الكراهيةَ ويُحرِّضُ على الفِتنةِ أكثرُ مِن أن تُوصِمَ المخالِفَ لك مِن أهل السُّنَّة بالمتطرِّف وبأنَّ عِندَه انحرافًا حادًّا وخَطيرًا، وغيرِها مِن العِباراتِ التحريضيَّة؟!

عاشرًا: تجاهُلُ المؤتمرِ عُلماءَ السُّنَّة السَّلفيِّينَ في أنحاء العالَمِ كلِّه كان مقصودًا؛ فلو كان المؤتمرُ يَهدِفُ بالفِعلِ إلى تَوحيدِ الكلمةِ، ولَمِّ الشَّملِ، لَجَمَع عُلماءَ المسلمين بشَتَّى تَوجُّهاتِهم؛ ليَخرجوا ببيانٍ يَجمَعُ كلمتَهم- ولو فيما يتَّفقونَ عليه- ويُؤجِّلوا ما اختَلفوا فيه، خاصَّةً في مِثل هذا الوقتِ الذي تَكالَبَ فيه عليهم الرافضةُ واليهودُ والنَّصارى، لكنَّ همَّهم في إخراجِ السَّلفيِّين مِن دائرةِ أهلِ السُّنَّة والجماعةِ أكبرُ مِن هَمِّ تَوحيدِ صَفِّ المسلِمينَ ضِدَّ عَدُوِّهم!

حادي عشر: رأينا مَنْ حَضَر المؤتمرَ، وإذا بهم ثَلاثةُ أصناف: صِنفٌ يُشارِكُ القائمين على المؤتمرِ عقيدَتهم وفِكرَهم وتَوجُّهَهم الحاقِدَ على السَّلفيِّين ودعوةِ التوحيدِ، وهؤلاء ليس لنا إلَّا أن نَدْعو اللهَ لهم بالهِدايةِ، وصِنفٌ ذَهَب وهو يُحسِنُ الظنَّ بهم فخاب ظنُّه! وصِنفٌ ثالثٌ حضَر وهو لا يَدْري لِمَ حَضَر ولِمَن حضَر، وربَّما فُوجِئَ باللُّغةِ الفَجَّة التي ظهرتْ في البيانِ الختاميِّ للمؤتمر! وهذان الصِّنفانِ الأخيرانِ عليهما أن يَتحلَّيَا بالشجاعةِ والجُرأةِ وأنْ يَتبرَّأَا مِن هذا البيانِ وما حواه المؤتمرُ، وإلَّا فهي وصمةُ عارٍ في تاريخِ مَسيرتِهم العِلميَّةِ.

أمَّا أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ الحَقيقيُّون، وهم مَن كان على ما كان عليه رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابُه، فلا يَضيرهم ولا يَضرُّهم مِثلُ هذه المؤتمراتِ والمؤامراتِ، بل هي عَلامةٌ على قُوَّةِ هذا المنهجِ وعِظَمِ انتشارِه؛ ممَّا أقضَّ مضاجعَ القومِ، وجَعَلهم يَتداعَوْن مِن كلِّ مكانٍ؛ ليَخرجوا بهذه النتيجةِ المخزيةِ!.

والله غالبٌ على أمرِه ولكنَّ أكثرَ النَّاس لا يعلمون.
 

Shishani

moderator
Staff member
مهرجان جروزني بين المؤتمر والمؤامرة
د محمد بن إبراهيم السعيدي
http://www.mohamadalsaidi.com/?p=5290#.V9X0Q5iLTIV
يوم الخميس ٢٢/ ١١/ ١٤٣٧هـ في العاصمة الشيشانية جروزني مؤتمر :من هم أهل السنة؟، والذي يهدف كما كتب بعض من شاركوا فيه إلى جمع كلمة أهل السنة والجماعة ، وتوحيدِها في مواجهة الأخطار المحدقة بالعالم الإسلامي .
والحقيقة :أن المؤشرات عديدة ومتضافرة على أن الهدف من هذا المؤتمر عكس ذلك ، بل هو مؤتمر تآمري على العالم الإسلامي وعلى المملكة العربية السعودية بشكل خاص ، يقع ضمن العديد من التحركات الغربية لقتل كل مظاهر يقظة الشعوب الإسلامية إلى حقيقة دينها ، وإعادة العقل المسلم إلى حضيرة الخرافة وتسلط الأولياء [المزعومين] وسدنة القبور وعقيدة الجبر على حياة الناس وعباداتهم . وفي هذا المقال سوف أشير إلى هذه المؤشرات ، أما الجواب عن سؤال المؤتمر الذي دُعِي من أجل الإجابة عنه عشرات العلماء من مختلف دول العالم الإسلامي ، فإن كتاب الله وسنة رسوله ﷺ قد بينا هذا الأمر بما هو أشد وضوحاً من الشمس في رائعة النهار ، ولو سَلِمَت القلوبُ من الأهواء ، واستسلمت للوحيين لوجدوا فيهما ما يغني عن كل هذه الضوضاء ، وصدق الله:(ما فرطنا في الكتاب من شيء).
من المؤشرات على فقدان هذا المؤتمر للنزاهة ، أو إرادة تحقيق ما أعلنوا عنه من أهداف : عدمُ دعوةِ أيٍ من المؤسسات العلمية الشرعية في المملكة العربية السعودية للمشاركة في هذا المؤتمر ، الأمر الذي يُنبئ بطريقة غير مباشرة : بأن من أهداف المؤتمر الحقيقية عزل السلفية عن أهل السنة ، أو بمعنى أصرح وأوضح إخراج السلفية من دائرة أهل السنة والجماعة ، وهو مَطلَبُ سعت إليه الدعاية الصفوية التي طالما ردَّدَت :أنها ليس لها موقف من أهل السُّنَّة والجماعة وإنما خلافها مع السلفية التي تُسَمِّيها الدعاية المعادية لمنهج السلف: [الوهابية] وما ذلك إلا سعياً وراء عزل السلفية عن أهل السنة ، وللأسف فإن ما فشلت فيه إيران يُحاول أن ينجح فيه الآن عشرات من أبناء الفرق المنتسبة إلى أهل السنة الذين جاء البيان المنسوب إليهم في المؤتمر والمتداول في مواقع التواصل بحصر أهل السنة في العقيدة بأتباع أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي صريحاً في استبعاد أتباع السلف رضي الله عنهم من دائرة أهل السنة والجماعة .
ولذلك فإن منظمي المؤتمر لم يَدْعُو من علماء السعودية إلا نفراً يسيراً من طلبة العلم الذين عُرِفوا بنقدهم للمنهج السلفي الذي بُنِيَت عليه الدولة السعودية ، أو ممن لهم انتماءات صوفية أو أشعرية ، أما علماء ودعاة المنهج السلفي في السعودية فحسب علمي لم تُوَجَه الدعوة لأحد منهم .
وكذلك لم أر حاضراً في المؤتمر أي من السلفيين المصريين بمختلف توجهاتهم ، ولا السلفيين في بلاد المغرب العربي ، ولا السلفيين في اليمن ولا السلفيين من الدول غير العربية ممن ينتشر فيها حَمَلَةُ منهج السلف كنيجيريا ومالي والسنغال والهند وباكستان .

إذاً فاستبعاد السلفيين من المؤتمر أمرٌ مقصود ، وليس خطأ عفوياً غير متعمد .

ومن المؤشرات على البعد التآمري لهذا المؤتمر عدم الإشارة إلى أكبر مهدد لأهل السنة والجماعة وهو المشروع الإيراني الصفوي ، والذي يمارس قمع أهل السنة في الداخل الإيراني ، ويُقٍيم مشروعاً خطيراً لتفريق العراق وإفراغها من أهل السُّنَّة عبر التعاون المبطن مع الجماعات التكفيرية وعبر ما يسمونه الحشد الشعبي وعصائب أهل الحق وكتائب بدر والمهدي وغيرها ، ويمارس أبشع صور القتل بدعم نظام الأسد وحزب الشيطان في سوريا ولبنان ، وكذلك دعم عملاء إيران من الحوثة والعفاشيين في اليمن ، إضافة إلى التبشير بالتشيع في بلاد أهل السنة شرقا وغرباً .
فهل من الممكن أن نعتبر مؤتمراً يتجاوز عمداً الحديث في افتتاحيته وخاتمته كل هذه المُهَدِّدات ، ثم يقال إنه مؤتمر لجمع كلمة أهل السنة ؟
جمعها ضد من ، وفي مواجهة من إذاً ؟!

ومن المؤشرات أيضا على البعد التآمري للمؤتمر : أنه يأتي ضمن سلسلة من المؤتمرات رعتها دولة الشيشان ، كلها تهدف إلى تلميع التصوف وإلصاق التكفير والتطرف بالسلفية ، وكان أخرها سنة ١٤٣٥هـ تحت عنوان “التصوف أمانٌ للإنسان واستقرار للأوطان”وفي تقديري أن تبني الشيشان لهذه السلسلة من المؤتمرات يصلح وحده ليكون علامةً على الدور التآمري الذي تأخذه الشيشان لمحاربة السلفية باعتبار الفكر السلفي كما يقولون هو المسؤول عن حركة التحرر الشعبية التي قام بها أبناء الشيشان ضد هيمنة روسيا الاتحادية على بلادهم ، فالشيشان حالياً إحدى جمهوريات روسيا الاتحادية ، ومعلوم أن النظام الروسي مُغلق ثقافياً ، وغير معروف بالترحيب بالمؤتمرات العلمية أو التجمعات الثقافية ، فضلاً عن أن يكون مَعْنِيَاً بأهل السنة والجماعة ووحدةِ صفهم والتقاء كلمتهم ، إنَّ تصديق أن تكون روسيا مُشْفِقَةً على أهل السنة لدرجةٍ تجعلها تغَيِّر من سُلُوكها في التعامل مع الأديان والثقافات ، وتُجَنِّدُ إحدى جمهورياتها للاضطلاع بهذه المهمة إما سُخْفٌ في العقل وإما مشاركة في التآمر ، وفي ظني أن أكثر المشاركين من المنتسبين إلى السنة في هذا المؤتمر لا يخرجون عن أحد هذين الصنفين ، فهم سخفاء أو متآمرون ، وكيف لا يكون أكثرهم كذلك وهم يَعْقِدُون مؤتمرهم الذي يهدفون منه إلى نهضة أهل السنة ، في المدينة السُّنِية نفسها التي دمَّرتها جيوش روسيا وجعلتها رُكَاماً مدمَّرَةً بنسبة ٩٥٪ كما تقول تقارير الأمم المتحدة ، حين استعصت على الغزو الروسي عام١٩٩٩الرامي ، إلى إعادة الشيشان إلى أحضان روسيا بعد أن نجحت الشيشان في الاستقلال التام عن الاتحاد الروسي عام ١٩٩٤.
روسيا الاتحادية التي تستضيف هذا المؤتمر لتوحيد أهل السُّنَّة هي التي تنطلق طائراتها من إيران ومن أماكن أُخَر لتضرب حلب وحماة وغوطة دمشق لتجعل هذه البقاع السُّنِّيَة أثراً بعد عين ، كما فعلت سابقاً في جروزني ،حيث يجتمع المؤتمرون ،الذين لا يَخْفَاهم :أن الرئيس الشيشاني الذي يستقبلهم ويرحب بهم كان هو ووالده أحمد قاديروف من أكبر المتعاونين مع الروس لتمكينهم من الانتصار على الحكومة الشيشانية المستقلة ، ذلك النصر الذي جاء على أنقاض مدينة جروزني التي اعتبرتها الأمم المتحدة عام ٢٠٠١ أعظم المدن دماراً في العالم ، وأكبر من استفاد من هذا الدمار هو أحمد قاديروف الذي وقَّع الرئيس بوتين على تعيينه رئيسا للشيشان بعد إعادتها للاتحاد الروسي.
وبعد قتله عام ٢٠٠٤ تَدَرَّج ولده ليصبح الرئيسَ الحالي للشيشان ، والمؤيد لبشار الأسد السفّاح القاتل لأهل السنة في سوريا ، ومن العجائب أن نجد من يُصَدِّق أن من يؤيد بشار الأسد يمكن أن يسعى لجمع كلمة أهل السنة.
وروسيا هذه هي التي تُرسل سفنها إلى بحر العرب وتُهَرٍّب صواريخها البالستية لدعم عملاء إيران ضد اليمن ، وضد الدولة السُّنِّيَة السلفية قائدة التحالف العربي في مواجهة النفوذ الصفوي الإيراني .
ومن المؤشرات على الغاية التآمرية لهذا المؤتمر : أن الرئيس الشيشاني الذي يتولى شخصياً رعاية المؤتمر يبغض السلفية بغضاً لا يُمْكِن وصفه ، وله كلمات صريحة في ذلك وغير قابلة للتأويل ، يقول مثلاً :”الوهابيون لعنة الله عليهم وعلى آبائهم وأمهاتهم هم الذين قتلوا أصحاب رسول الله ﷺ ” “أقسم بالله لو يظهر في الشيشان وهابي أو أحد يُشْبِهه فسأقتله” “والله أقسم بالقرآن لن تقوم في هذه البلاد عقيدة أخرى غير عقيدة أولياء الصوفية” ” التيارات الأخرى كالوهابية والسلفية هي بالنسبة للشيشانيين مجرد بدع لا مكان لها في الشيشان ولا في روسيا عموماً إنه شر وخيانة لتعاليم الدين وأوامر المولى سبحانه وتعالى”.
هذا الحقد على السلفية منتشر في خطابات كثيرة للرئيس الشيشاني ، ولا يمكن أن يصدر من رجل يُتَصور منه أن يرعى أي مشروع يُوَحِد أهل السُّنَّة ، فضلاً عن أن يسعى ليُدْخِل السلفية في مظلتها ، ولا يُمْكِنني أن أقبل الاعتذار له بأنه يعاني من ردة فعل بعد الحرب الشيشانية ، لأنني أعلم كغيري أن الرئيس رمضان قاديروف كان أحد المشاركين في الحرب الشيشانية الأولى ضد روسيا مع والده أحمد قاديروف الذي أعلن الجهاد في تلك الحرب ، قبل أن يغير رأيه ويساهم في استعادة الشيشان إلى أحضان روسيا الاتحادية .
أما كلمة فضيلة شيخ الأزهر فقد كانت مؤسفة بحق، حيث استخدم الدبلماسية للإشارة من طرف خفي إلى عدم دخول السلفية في مسمى أهل السنة ، فذكر :أن أهل السنة منحصرون في أتباع أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي وأهل الحديث ، ولا يخرج عن عباءة هؤلاء الحنفية والمالكية والشافعية والمعتدلون من الحنابلة .
ثم لم يُبين لنا مَنْ هم المعتدلون من الحنابلة ، ولماذا كان الحنابلة وحدهم ينقسمون إلى معتدلين وغير معتدلين؟
وبإمكاننا أن نسأله : هل الجحافل المصرية التي قدمت نجداً في القرن الثالث عشر الهجري بفتاوى من الأزهر بل ورافق الحملة بعض شيوخ الأزهر كمحمد المهدي وأحمد الطحاوي ، وأهلكت الحرث والنسل وارتكبت من الجرائم مالم تقم بها داعش في عصرنا الحاضر ، ألم يكن أُلئك ومن أفتاهم بالقتل والسلب والنهب من الأشاعرة والماتريدية والحنفية والمالكية والشافعية ؟
وهل شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري[يذكر أنه جد زعيم القاعدة أيمن الظواهري ]الذي ينسب إليه كتاب يهود لا حنابلة ،والذي يُكفِّر فيه أتباع الدعوة السلفية لم يكن أشعريا أوشافعياً؟
وهل الشيخ الصاوي صاحب الحاشية على تفسير الجلالين لم يكن أزهريا أشعرياً مالكياُ ، وهو يقول:”فرقة بأرض الحجاز يقال لهم الوهابية يحسبون أنهم على شئ إلا أنهم هم الكاذبون إستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون نسأل الله الكريم أن يقطع دابرهم”
ومع أن شيخ الأزهر استدرك استدراكاً دبلماسياً فأضاف أهل الحديث إلى دائرة أهل السنة ، إلا أن منظمي المؤتمر لم تعرضهم دبلماسية الشيخ فحذفوا أهل الحديث من البيان الختامي .
كنت أتمنى من شيخ الأزهر أن يكون منصفا، وأن يكون أعلى وأكبر من النزاعات التي تفرضها الأهواء والمقاصد السياسية.

 

Shishani

moderator
Staff member
هؤلاء هم أهل السنة والجماعة حقاً وصدقاً أيها المؤتمرون في الشيشان
الشيخ العلامة المحدث: عبدالمحسن بن حمد العباد / حفظه الله
"محدث المدينة"، مدرس بالجامعة الإسلامية (وأول من ألقى فيها محاضرة) ومدرس بالمسجد النبوي
[URL='https://vk.com/away.php?to=http%3A%2F%2Fal-abbaad.com%2Farticles%2F174492&post=-99850716_321']http://al-abbaad.com/articles/174492[/URL]​
05/12/1437هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فقد عقد في الشيشان مؤتمر مدة ثلاثة أيام انتهى في يوم السبت 24/11/1437هـ، تحت عنوان: «من هم أهل السنة والجماعة»، حضره أشاعرة وماتريدية، خلصوا فيه إلى أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية، ولن أكتب كتابة خاصة عن هذا المؤتمر؛ بل أكتفي بإيراد كتابة عن عقيدة أهل السنة والجماعة حقاً، كتبتها قبل عقده بسنوات كثيرة، ومن يطلع عليها قد يظن أنها كتبت بعد المؤتمر، وهي مقدمة كتابي: «قطف الجنى الداني شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني» طبع في عام 1423هـ ثم طبع ضمن مجموع كتبي ورسائلي (4/7-185) عام 1428هـ.

فأنا أورد بعد هذه الكلمة نص مقدمة هذا الشرح ليعرف من يطلع على ذلك عقيدة أهل السنة والجماعة حقا وصدقا وأنها المتلقاة من الوحي لا المتلقاة من آراء الرجال الذين جاءوا بعد القرون الثلاثة المفضلة، وكانت وفاة الإمام ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله سنة 386هـ، وترجم له الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء (17/10) قال في أول ترجمته: «الإمام العلامة القدوة الفقيه عالم أهل المغرب»، وقال في آخرها: «وكان رحمه الله على طريقة السلف في الأصول لا يدري الكلام، ولا يتأول، فنسأل الله التوفيق».

أقول: ولو كان رحمه الله موجودا في هذا الزمان لم يشارك في مؤتمر الشيشان؛ لأنه خاص بالأشاعرة والماتردية، وهو ليس على طريقتهم، بل كان كغيره من أهل السنة والجماعة حقا على طريقة الصحابة رضي الله عنهم، وينبغي أن يعلم أن الإمام أبا الحسن الأشعري رحمه الله كان آخر أمره على طريقة السلف كما هو واضح في كتابه الإبانة الذي هو آخر كتبه أو من آخرها.

وممن ألف في عقيدة أهل السنة والجماعة الإمام أبو جعفر الطحاوي الحنفي رحمه الله المتوفى سنة 321هـ، له في عقيدة أهل السنة والجماعة رسالة مختصرة شرحها ابن أبي العز الحنفي في كتابه شرح الطحاوية، والإمام أبو عثمان الصابوني الشافعي رحمه الله المتوفى سنة 449هـ، واسم كتابه: «عقيدة السلف وأصحاب الحديث»، والإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله المتوفى سنة 620هـ، واسم كتابه: «لمعة الاعتقاد»، والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المتوفى سنة 728هـ، وكتاب: «التوحيد الذي هو حق الله على العبيد» لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله المتوفى سنة 1206هـ، وهو مشتمل على آيات وأحاديث وآثار عن السلف.

وقد ذكرت بين يدي الشرح عشر فوائد توضح عقيدة السلف المتلقاة من الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة وتابعوهم بإحسان.

وهذه عناوين هذه الفوائد:

الفائدة الأولى: منهج أهل السُّنَّة والجماعة في العقيدة: اتِّباعُ الكتاب والسُّنةَّ على فهم السلف الصالح.

الفائدة الثانية: وَسَطيَّةُ أهل السنة والجماعة في العقيدة بين فرق الضلال.

الفائدة الثالثة: عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة مطابقةٌ للفطرة.

الفائدة الرابعة: الكلام في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات، والقول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر.

الفائدة الخامسة: السَّلفُ ليسوا مُؤوِّلةً ولا مُفوِّضة.

الفائدة السادسة: كلٌّ من المشبِّهة والمعطِّلة جمعوا بين التمثيل والتعطيل.

الفائدة السابعة: متكلِّمون يَذمُّون علمَ الكلام ويُظهرون الحَيرة والنَّدم.

الفائدة الثامنة: هل صحيح أنَّ أكثرَ المسلمين في هذا العصر أشاعرة؟

الفائدة التاسعة: عقيدة الأئمَّة الأربعة ومَن تفقَّه بمذاهبهم.

الفائدة العاشرة: التأليف في العقيدة على منهج السلف.

وما أحسن ما قاله الإمام أبو عمر ابن عبدالبر رحمه الله المتوفى سنة 463هـ في كتابه التمهيد (7/145): «وأمَّا أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلُّها والخوارج، فكلُّهم يُنكرها، ولا يحمل شيئاً منها على الحقيقة، ويزعمون أنَّ من أقرَّ بها مشبِّه، وهم عند من أثبتها نافون للمعبود»، ونقله عنه الذهبي في العلو، وعلَّق عليه قائلاً: «صدق والله! فإنَّ من تأوَّل سائر الصفات وحمل ما ورد منها على مجاز الكلام، أدَّاه ذلك السَّلب إلى تعطيل الربِّ، وأن يشابه المعدوم، كما نُقل عن حماد بن زيد أنَّه قال: مَثل الجهمية كقوم قالوا: في دارنا نخلة، قيل: لها سَعَف؟ قالوا: لا، قيل: فلها كَرَب؟ قالوا: لا، قيل: لها رُطَب وقِنو؟ قالوا: لا، قيل: فلها ساق؟ قالوا: لا، قيل: فما في داركم نخلة!»، والمعنى أنَّ من نفى عن الله الصفات، فإنَّ حقيقةَ أمره نفيُ المعبود؛ إذ لا يُتصوَّرُ وجود ذات مجرَّدة من جميع الصفات.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

نص مقدمة «قطف الجنى الداني شرح مقدِّمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني»:

«الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرَّحمن الرَّحيم، مالكِ يوم الدِّين، وأشهدُ أن لا إله إلَّا اللهُ وحده لا شريك له، إلهُ الأوّلِين والآخِرِين، وقيُّومُ السَّموات والأرَضِين، وأشهدُ أنَّ محمّداً عبدُه ورسولُه، سيِّدُ المرسلِين، وإمامُ المتّقين، وقائدُ الغُرِّ المحجَّلين، المبعوث رحمةً للعالمين، صلّى اللهُ وسلّم وبارك عليه، وعلى آله الطيّبين الطّاهرين، وأصحابِه الغُرِّ الميامين، الذين حفظ اللهُ بهم المِلَّةَ، وأظهر الدّين، وعلى مَن اتَّبعهم بإحسانٍ وسار على نهجهم إلى يوم الدّين.

أمَّا بعد، فإنَّ عقيدةَ أهل السنَّة والجماعة تمتازُ بالصّفاءِ والوضوحِ والخلوِّ مِن الغموض والتعقيد، وهي مستمدَّةٌ مِن نصوصِ الوحي كتاباً وسنَّةً، وكان عليها سلفُ الأمّة، وهي عقيدةٌ مطابقةٌ للفطرة، ويقْبَلُها العقلُ السليمُ الخالي مِن أمراضِ الشُّبهات، وذلك بخلاف العقائد الأخرى المتلقَّاةِ مِن آراء الرِّجال وأقوالِ المتكلِّمين، ففيها الغموضُ والتعقيدُ والخبطُ والخلط، وكيف لا يكون الفرقُ كبيراً والبَونُ شاسعاً بين عقيدةٍ نزل بها جبريلُ مِن الله إلى رسولِه الكريم صلى الله عليه وسلم وبين عقائد متنوِّعة مختلفة خرج أصحابُها المبتدعون لها مِن الأرض، وخلقهم اللهُ من ماءٍ مهينٍ.

فعقيدةُ أهل السنَّة والجماعة بَدَتْ وظهرتْ مع بعثة النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ونزولِ الوحي عليه مِن ربِّه تعالى، وسار عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابُه الكرام ومَن تبعهم بإحسان، والعقائدُ الأخرى لا وجود لها في زمن النبوَّة، ولم يكن عليها الصحابةُ الكرام، بل قد وُلد بعضُها في زمانهم، وبعضُها بعد انقراض عصرهم، وهي مِن محدثاتِ الأمور التي حذّر منها الرسولُ صلى الله عليه وسلم ، فقال:

«وإيّاكم ومحدَثاتِ الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدَثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة»، وليس مِن المعقول ولا المقبول أن يُحجب حقٌّ عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، ويُدَّخَر لأُناسٍ يجيئون بعد أزمانهم، فتلك العقائد لو كان شيءٌ منها خيراً لسبق إليه الصحابةُ، ولكنَّها شرٌّ حفِظهم اللهُ منه، وابتُليَ به مَن بعدَهم، (قال إبراهيم النخعي كما في كتاب جامع بيان العلم وفضله (2/97) لابن عبدالبر: «لم يدَّخر لكم شيء خُبّيء من القوم لفضل عندكم»).

والحقيقة الواضحة الجليَّة أنَّ الفرقَ بين عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة المتلقَّاة من الوحي، وبين عقائد المتكلِّمين المبنيَّة على آراء الرجال وعقولهم، كالفرق بين الله وخَلقه، ومثل ذلك ما يكون به القضاء والحكم، فإنَّه يُقال فيه: إنَّ الفرقَ بين الشريعة الإسلامية الرفيعة المنَزَّلة من الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبين القوانين الوضعيَّة الوضيعة التي أحدثها البشر، كالفرق بين الله وخَلقه، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}، فما بال عقول كثير من الناس تغفلُ عن هذه الحقيقة الواضحة الجليَّة فيما يُعتقد، والحقيقة الواضحة الجليَّة فيما يُحكم به، فيستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟!

اللهمَّ اهْد مَن ضلَّ من المسلمين سُبُلَ السلام، وأخرجه من الظلمات إلى النور، إنَّك سميعٌ مجيب.

وقد ألَّف علماءُ السنَّة قديماً وحديثاً مؤلَّفاتٍ تُوَضِّح عقيدةَ أهل السنَّة والجماعة، منها ما هو مختصَرٌ، ومنها ما هو مطوَّلٌ، وكان مِن بين هذه المختصرات مقدِّمةُ الإمام ابنِ أبي زيد القيرواني المالكي لرسالته، ومقدِّمةُ رسالته على طريقة السلف مختصَرةٌ مفيدة، والجمعُ بين الأصول والفروع في كتاب واحد نادرٌ في فعل المؤلِّفين، وهو حَسَن، يجعل المشتغلَ في فقه العبادات والمعاملات على علمٍ بالفقه الأكبر، الذي هو العقيدةُ على طريقة السلف.

وهي مع وَجازَتها وقلَّة ألفاظها تبيِّن بوضوحٍ العقيدةَ السليمة المطابقة للفطرة، المَبنيّة على نصوص الكتاب والسنّة، وهي شاهدٌ واضحٌ للمَقولة المشهورة: إنَّ كلامَ السّلف قليلٌ كثيرُ البركة، وكلام المتكلِّمين كثيرٌ قليلُ البركة.

ومِن أمثلة ما في هذه المقدِّمة مِن النَّفي المتضمِّن إثباتَ كمالٍ لله تعالى قولُه في مطلع هذه المقدِّمة: «إنَّ الله إلَهٌ واحدٌ لا إله غيرُه، ولا شبيهَ له، ولا نَظيرَ له، ولا وَلَدَ له، ولا وَالِدَ له، ولا صاحبةَ له، ولا شريكَ له».

فإنَّ هذه المنفيّات عن الله عزَّ وجلَّ مستمَدَّةٌ مِن الكتاب والسنّة، وهذا بخلاف النّفي في كلام المتكلِّمين، فإنَّه مبنيٌّ على التّكلُّف، ومتّصفٌ بالغموض، ومِن أمثلة ذلك ما جاء في العقائد النسفيّة قول مؤلِّفها: «ليس بعَرض، ولا جسم، ولا جوهر، ولا مصوّر، ولا محدود، ولا معدود، ولا متبعّض، ولا متجَزّ، ولا متركّب، ولا متناه».

وهذه المنفيّات لَم يأت بالنَّصِّ عليها كتابٌ ولا سنّة، والواجبُ السّكوتُ والإمساكُ عمَّا لم يدلَّ عليه دليلٌ مِن الوحي، واعتقاد أنَّ اللهَ متَّصِف بكلِّ كمالٍ، منَزَّهٌ عن كلِّ نقصٍ، ومثلُ هذه السلوب لا يفهمها العوامُّ، ولا تطابق الفطرةَ التي هم عليها، وهي مِن تكلُّف المتكلِّمين، وفيها غموضٌ وتلبيسٌ؛ يتّضح ذلك بالإشارة إلى واحدٍ منها، وهو نفيُ الجسم، فإنَّه يحتمل أن يُراد به ذاتٌ مشابهة للمخلوقات، وعلى هذا الاحتمال يُردّ اللفظُ والمعنى جميعاً؛ لأنَّ اللهَ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وإن أُريد به ذاتٌ قائمةٌ بنفسها، مباينةٌ للمخلوقات، متّصفةٌ بصفات الكمال، فإنَّ هذا المعنى حقٌّ، ولا يجوز نفيُه عن الله، وإنَّما يُردّ هذا اللفظ لاشتماله على معنى حقّ ومعنى باطل.

وسيأتي في كلام المقريزي (ص: 14، 15) قولُه عن الصحابة: «فأثبتوا رضي الله عنهم بلا تشبيه، ونزّهوا مِن غير تعطيل، ولم يتعرّض مع ذلك أحدٌ منهم إلى تأويل شيء مِن هذا، ورأوا بأجمعهم إجراءَ الصفات كما وردت، ولم يكن عند أحدٍ منهم ما يستدلُّ به على وحدانيَّة الله تعالى وعلى إثبات نبوَّة محمّد صلى الله عليه وسلم سوى كتاب الله، ولا عرف أحدٌ منهم شيئاً مِن الطرق الكلامية ولا مسائل الفلسفة».

وسيأتي أيضاً في كلام أبي المظفّر السمعاني (ص:16) قولُه في بيان فساد طريقة المتكلِّمين: «وكان مِمَّا أمر بتبليغه التوحيد، بل هو أصلُ ما أمرَ به فلم يترك شيئاً من أمور الدِّين أصولَه وقواعدَه وشرائعَه إلَّا بلَّغه، ثمَّ لَم يَدْعُ إلى الاستدلال بما تَمسَّكوا به من الجوهر والعرض، ولا يوجد عنه ولا عن أحد من أصحابه من ذلك حرفٌ واحدٌ فما فوقه، فعُرف بذلك أنَّهم ذهبوا خلافَ مذهبهم وسلكوا غيرَ سبيلهم بطريق مُحدَث مُخترَع لم يكن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أصحابُه رضي الله عنهم ، ويلزم من سلوكه العودُ على السلف بالطعن والقَدْح، ونسبتهم إلى قلَّة المعرفة واشتباه الطرق، فالحذر من الاشتغال بكلامهم والاكتراث بمقالاتهم؛ فإنَّها سريعةُ التهافت كثيرةُ التناقض»، وقولُ أبي المظفّر السمعاني هذا أورده الحافظ ابن حجر في كتاب فتح الباري في شرح قول البخاري: «باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}»، ونقل فيه (13/504) عن الحسن البصري قال: «لو كان ما يقول الجعد حقاًّ لبلّغه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم».

والجعد بن درهم هو مؤسِّس مذهب الجهميّة، ونُسب الجهمية إلى الجهم ابن صفوان؛ لأنَّه هو الذي أظهر هذا المذهب الباطل ونشره، وأقول كما قال الحسن البصري رحمه الله: لو كان ما يقوله الأشاعرة وغيرهم من المتكلِّمين حقاًّ لبلَّغه الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقد رأيتُ أن أشرح هذه المقدِّمة شرحاً يزيد في جلائها ووضوحها، ويُفصِّل المعاني التي اشتملت عليها، ورأيتُ أن أمهِّد لهذا الشّرح بذكر عشر فوائد في عقيدة السّلف، وقد نظَم الشيخُ أحمد بن مشرّف الأحسائي المالكي المتوفَّى سنة 1285هـ مقدِّمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني نظْماً بديعاً سلِساً، رأيتُ مِن المناسب إثباته مع نصِّ المقدِّمة قبل البدء بالشّرح.

وقد سَمَّيت هذا الشرح:

قطف الجنى الداني شرح مقدِّمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وأسأل اللهَ عزَّ وجلَّ أن ينفع به كما نفع بأصله، وأن يوفِّق المسلمين للفقه في دينهم، والسَّير على ما كان عليه سلفُهم، في العقيدة والعمل، وأن يُوفِّقنِي للسلامة من الزَّلَل، ويَمنَحنِي الصِّدقَ في القول والإخلاصَ في العمل، إنِّه سميعٌ مجيب، وصلّى اللهُ وسلّم وبارك على عبده ورسوله نبيِّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين».
 

Shishani

moderator
Staff member
مؤتمر الشيشان
(والمتاجرة بمسمى: (أهل السنة والجماعة
في سوق
(الإسلام الروسي) و(الإسلام الأمريكي!)

http://badralitammi.blogspot.be/2016/09/109.html
بدر بن علي بن طامي العتيبي
مدير مركز الدعوة والإرشاد بمدينة طائف

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فلا يخفى على كريم علم المتابع ما حصل في الأسبوع الماضي من انعقاد مؤتمرٍ بمدينة جروزني الشيشانية، تحت عنوان: «مفهوم أهل السنة» وحشد له أكثر من مئتي شخصية تنسب إلى العلم، متفرقون في دياناتهم وعقائدهم ما بين صوفيٍّ وأشعري وماتريديٍّ وغير ذلك كلهم اجتمعوا لتحديد مفهوم واحد! هم مخالفون له عند التحقيق؛ والناظر إلى المؤتمر، وإلى الدول الممولة له، والحاضنة لبرامجه، والطوائف المنتقاة له؛ يعلم يقيناً الغاية والهدف منه، وإقصاء أهل السنة والحديث، أتباع الأثر، السائرين على منهاج السلف، بعدما نفذ نورُهم في مشارقِ الأرض ومغاربها، وتحرّرَ خلقٌ كثيرٌ من رِقِّ العبوديةِ للبشرِ، وطلبوا الانقيادَ لسنةِ النبي صلى الله عليه وسلم، والاقتداءَ بالسلف الصالح، مقابل ما يرونه من سُخفِ العقولِ، ومُجونِ الطَّبعِ، وقُبحِ التَّدينِ، وجُرْمِ العَمل؛ عِند كثير من الفرقِ والطوائف البدعية، فقد سَئمَ الناسُ من إجرامِ الخوارجِ، ودروشةِ الصوفيةِ، وجَدلِ الكلاميينِ، وثرثرةِ الأحزابِ السياسيةِ! وطَلبوا التعبدَ لله كما يريد الله منهم، ويريده منهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى منهج السلف الصالح، يعبدون الله تعالى على نورٍ وبصيرةٍ، وهدىً وسنةٍ، بقرآنٍ يهدي للتي هي أقوم، وسنةٍ على صراط مستقيم، من نبيٍّ ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌّ يوحى، وسلفٍ شَهِدَ لهم النّبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية، وأوصى بسنتهم، فقال عليه الصلاة والسلام: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة».
فلما كان اسم «أهل السنة والجماعة» اسماً شرعياً محموداً جاء أصله في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية، ليكونن في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة، كلها في النار، إلا ملة واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على ما أنا عليه
وأصحابي» رواه الترمذي.

فقوله: «ما أنا عليه» دليل على السنة، وقوله: «وأصحابي» دليل على الجماعة، فالناجون هم أهل السنة والجماعة.
ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي» دليل على السنة، وقوله: «وسنة الخلفاء الراشدين» دليل على الجماعة.
ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلمٍ إلا بإحدى ثلاث» وذكر منهن: «التارك لدينه المفارق للجماعة» وديننا السنة، وجماعتنا جماعة أهل السنة.
فلما كان هذا الأصل شرعياً نبوياً كان من مكائد أهل الضلال تغرير السذج والبسطاء بالانتساب إليه مكراً وخديعة، لما كسد سوقهم بين العالمين، فأحبوا أن ينسبوا أنفسهم إلى الأسماء والأفعال الشرعية خديعة ومكراً، وتسويقاً لأباطيلهم، كما زعم اليهود بأنهم أحباب الله! وهذه دعوى! والدعوى يفضحها البرهان ﴿قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 111] وبرهان محبة الله: اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان به وطاعته، فأنزل الله تعالى قوله: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 31- 32].
وزعمت اليهود والنصارى أن إبراهيم عليه السلام منهم! وأنهم منه، وتبع له! كما زعم أصحاب ذلك المؤتمر أنهم من أهل السنة! فكذّبهم البرهان والتحقيق، فأنزل الله تعالى قوله: ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 67- 68] فأتباع إبراهيم عليه السلام هم الحنيفيون المسلمون المتبعون له ولنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا معدوم في اليهود والنصارى!


ونرى اليوم من الطوائف الضالة المنحرفة:

تنتسب للإسلام؛ وبرهان الإسلام يطردها منه: فهم لا يستسلمون لله ولا يعبدونه، وإنما يعبدون من دون الله آلهة فهم لها عاكفون!
وتنتسب للسنة؛ وبرهان السنة يخرجهم منها: فهم لا يتبعون النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يطلبون سنته، بل أحدثوا في دين الله تعالى في العقائد والأحكام والسلوك أموراً ما أذن بها النبي صلى الله عليه وسلم، وما شرعها لهم، وهو القائل: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» متفق عليه.
فالمسلم العاقل الحصيف لا يجذب قلبه ونظره مجرد «الادعاء» و«نسج الأسماء» حتى يرى صدق ذلك في «القول والعمل والاعتقاد».
فمن لم يكن ذلك على الهدى والسنة، وعلى سبيل المؤمنين الذين بهم يعرف الهُدى المحمدي كما قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115] وكان الإيمان الحق، والمعتقد الصواب هو إيمانهم واعتقادهم كما قال تعالى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: 137] فمن لم يكن كذلك فهو كاذب في دعواه ولو نقش اسم «أهل السنة» على جبينه وصفحة خدّه؛ وطرَّز بها الشعارات، وأقام من أجلها المؤتمرات.
وللناظرِ العجب من هذا المؤتمر الحزبي الممقوت كيف حمل الناس في أصل الأصول، وقواعد الاعتقاد على مقالة رجلين من متأخري الرجال جاءا بعد القرون المفضلة! وكأن الذين من قبلهم لم يكونوا على ذلك!
فإن كان دينهما دين السلف، فالنسبة للسلف والصحابة والتابعين هو الأحق والأصدق، وإن كان دينهما غير دين السلف؛ فكفرتُ بدينٍ ما عرفه أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا عليٍّ بن أبي طالب، ولا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم، ولا التابعون وأتباع التابعين لهم بإحسان رحمهم الله.


فديننا أكبر من دين الأشعري والماتريدي وأقدم!

كما سُئل ميمون بن مهران عن كلام المرجئة فقال: «أنا أكبر من ذلك» يريد أن هذا الكلام حدث بعد ولادتي.
وكذلك قال أيوب: «أنا أكبر من المرجئة أول من تكلم في الإرجاء رجل يقال له الحسن بن محمد».
وذكروا المرجئة عند سفيان فقال: «رأي محدث أدركت الناس على غيره».
فماذا نريد بدينٍ لم يكن عليه الصحابة ولا التابعون ولا أتباعهم ولا الفقهاء السبعة.
ولا أئمة الأمصار الأربعة: مالك والليث والأوزاعي وسفيان.
ولا أئمة الفقه الأربعة: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد.
ولا أصحاب الكتب الستة: البخاري ومسلم وابن ماجه وأبو داود والترمذي والنسائي؟

أهذه نصيحة هذا المؤتمر للمسلمين؟
فيحجب عن المسلمين دينَ الصَّحابةِ والتابعين وأئمة الدين ثم يَسُوقهم إلى طلاسم الكلاميين، ورواسب الجهمية، وضلالات الفلاسفة، وسخافات الصوفية والطرقية؟
وينقلهم من نصوص الوحيين، وكلام سيد المرسلين؛ إلى الكلامِ في الحادثِ والممكنِ، والجسمِ والجوهرِ والعَرَضِ، والأغْرَاضِ والأبْعَاضِ، والثُّبوت والسُّلوب، والفناء والذوبان والاصطلام! وغير ذلك من ظلمات أهل الضلال؟
وما ألحقوه أخيراً من إقحام: «أهل الحديث المفوضة!» ضمن طوائف الاعتقاد! هو من ذرِّ الرَّمادِ في عيون الناقدين! وإلا فليس في أهل الحديث من هو مفوّض، ودينُ أهل الحديث والأثر كما هو محرَّرٌ في كافة كتب أهل السنة، وعقائد الأئمة التي نقلها أبو إسماعيل الهروي واللالكائي وجماعة تنص على «الاثبات» و«الاقرار مع الامرار» وقد قال الإمام مالك بن أنس في الأثر المشهور: «الاستواء: غير مجهول» وفي لفظ: «معلوم» فمعاني نصوص الصفات معلومة لدينا، لأن القرآن جاءنا بلسان عربيٍّ مبين، معلوم المعنى، فليس في الوحيين ما هو خفي المعنى، وإن كان فيه ما هو «مشتبه المعنى» و «خفيّ الكيفية عنا».
فعقيدة المفوضة ليست من عقيدة أهل السنة كما بينه الأئمة في كتبهم، وسموا أهل التفويض: «أهل التجهيل» لأن غاية كلامهم في القبح يصل إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أُوحيَ إليه ربّهِ عزَّ وجلَّ بكلامٍ لا يُفهم معناه، وهو بلَّغَنا كلاماً لا يُفهم معناه، والصحابة حملوا آياتٍ لا يفهمون معناها!
كيف وآياتُ الصفات أكثر القرآن، ولا تكاد تخلو آية من آيات القرآن الكريم إلا وفيها اسمٌ من أسماء الله أو صفة من صفاته! فإذا كان كذلك، وكانت تلك النصوص–كما يزعمون- لا معنى لها، فالقرآن الكريم أكثره لا معنى له! فكيف يوصف بعد ذلك بأنه هدى ومنيرٌ وبيانٌ وتبيانٌ لكل شيء، ويهدي للتي هي أقوم؟
وحاشا كلام الله تعالى أن يكون كما يقوله أهل التفويض، بل هو واضح المعنى، جلي الدلالة، يسير الفهم، مبين العبارة: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: 42]
ثم ليتأمل الناظر كيف قصر هذا المؤتمر «الآثم» دورَ الفقهاء الأربعة على «الفقه!» وكأنَّ حال القائمين عليه يقول: لا تأخذوا منهم العقيدة! فالعقيدة مصدرها : الأشعري والماتريدي فقط!
بل وأضافوا إلى ذلك تمجيد الصوفية في السلوك! وكلام أئمة الدين المتقدمين، والمحققين من المتأخرين على ذمّ الصوفية البدعية، والطرق الشركية، وأن الزهد والسلوك وتهذيب الروح إنما هو في القرآن الكريم، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسبيل الصحابة رضي الله عنهم، بعيداً عن الخرق الصوفية، والطرق البدعية، وخطراتهم ووساوسهم، ورقصهم وشعائر دينهم التي أفسدت العالم الإسلامي في طوله وعرضه، وأبعدت الناس عن السنة، وأغرقتهم في ظلمات البدعة والشرك.

فمفهوم «أهل السنة» بعيدٌ كل البعدِ عن مراد ذلك المؤتمر وأهدافه، مهما زخرفوا لنا القول وزينوه.
وكما حاول أولئك الاستئثار بقيادة الأمة الدينية إلى «إسلام روسي! » يقابله فريق آخر يريد أن يقود الأمة إلى «إسلام أمريكي!» باتحاد علماء المسلمين المزعوم! ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [الصف: 8، 9].
ولذلك لا تعجب من غضبِ القرضاويِّ وحزبِهِ ضدَّ ذلك المؤتمر! فليس والله ذلك منه انتصاراً لمفهوم أهل السنة والجماعة، ولا براءةً من الأشعرية والماتريدية والصوفية! فحزبُهُ يضمُّ أمثالَ أولئكَ وأضلَّ وأعمى! من الرافضة والإباضية والليبراليين والعقلانيين والخوارج! وإنما ناكفوهم تنافُساً على الزعامة الدنيوية تحت غطاءٍ دينيٍّ مُسَيَّس؛ هؤلاءٍ إلى أمريكا وهواها، وأولئك إلى روسيا ومبتغاها! والله لا يصلح عمل المفسدين.
وربما كان من دوافع حملةِ القرضاوي ومن معه بعض النوايا السياسية في النيل من حكومة أو حاكم ما! كما تراه جليَّاً واضحاً في الفلم الوثائقي عن المؤتمر والذي أصدرته قناة الجزيرة.
وموافقة أولئك المعارضين لعلماء المملكة العربية السعودية وأهل السنة في رفض ذلك المؤتمر والانكار عليه لا يلزم منها ذلك صواب مرادهم! ففي ردِّ أهل السنة على المرجئة يجاريهم بعضُ الخوارج، وبالضدِّ في الرد على الخوارج يجاريهم المرجئة، وهكذا سائر الطوائف المتضادة في المقالات وأهل السنة وسطٌ بينهم؛ فكلٌّ منهم يأخذ من الحق ما يوافق هواه، ويترك ما يخالفه، إلا أهل السنة، فهم يأخذون الحق كله، ويعملونه على أقوالهم وأفعالهم وعقائدهم، فمرادهم الله، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولزوم منهج السلف الصالح.
ولذلك كان من غضب الإخوان المسلمين على ذلك المؤتمر إقصاؤهم وعدم ذكرهم فيه! وميزوا أنفسهم عن «السلفية وأهل الحديث!» وهذا اعترافٌ منهم بأنَّهم ليسوا من أتباع الحديث والسلف!


وبعد ذلك كله:

«أهل السنة» شعارٌ هم لا يريدونه إلا لغرض، ولذلك لا يستخدمونه! ولا يجعلونه اسماً دائماً لهم، ولا يهتمون بالقيد الذي فيه وهو «السنة» وإنما هم ينتسبون إلى أسماء تسموا بها من عند أنفسهم: فرقوا بها بين المسلمين، وأبعدوهم عن سنة سيد المرسلين، وإلا لو كانوا صادقين لاتفقوا من ذلك المؤتمر على طرح كل اسم غير اسم «أهل السنة!» وضربوا عليه، وقالوا للناس: كونوا على السنة، وتمسكوا بالسنة، واتبعوا السنة، ولا اسم لكم إلا أهل السنة، وانشروا كتب السنة ككتاب السنة للإمام أحمد والمزني، وأصول السنة لأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين، والسنة لابن المديني، وصريح السنة لابن جرير الطبري، والسنة للالكائي والخلال، وشرح السنة للبغوي، وسائر كتب السنة إن كانوا صادقين!
فليس لأهل السنة اسم إلا أهل السنة وما دلّ عليها من اتباع الحديث والأثر والسلف الصالح، وما عدا ذلك فهي الفرق والأهواء.
وقال رجلٌ لأبي بكر بن عياش: يا أبا بكر، من السني؟ قال: «السنيّ الذي إذا ذكرت الأهواء لم يغضب لشيء منها».
والماتريدية والأشعرية والإباضية والإخوانية والتبليغية وغير ذلك أهواء لا عبرة بها، والعبرة بالسنة واتباعها، ولا يجوز لأحد من البشر أن يحمل الناس على اتباع طريقة رجلٍ من الناس إلا طريق محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين.
فكل ما يقوله الناس بعد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وما جاء عن خيرة الناس بعد المرسلين: ليس حجة على أحد، وهو تحت شرع الله وحكمه، ولا يجوز أن يتخذ شرعاً من دون شرع الله وحكما.

وختــــــــاماً:
ما ينطق به السلفيون أهل السنة والحديث والأثر اليوم: هو بعينه ونصه ما نطق به السلف الصالح، ما غادرهم شبراً، في عقائدهم، وأحكامهم، وآدابهم وسلوكهم، فمن كان على مثل ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الرشدون المهديون من بعده، وأئمة الحديث والأثر، فهو من أهل السنة، وما تغني بعد ذلك الدعاوى عن المبطلين.

والدعاوى إن لم يقيموا عليها بيناتٍ أصحابهــا أدعيــــاء
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب
بدر بن علي بن طامي العتيبي
بلد الله الحرام: مكة
الأحد 2 ذو الحجة 1437هـ
 
Top