علماء في ذاكرة الأمة (الشيخ البشير الإبرا&#160

abou khaled

Junior Member
علماء في ذاكرة الأمة (الشيخ البشير الإبراهيمي )رحمه الله تعالى.

--------------------------------------------------------------------------------


الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى
مجلة البيان العدد 13
زميل ابن باديس في قيادة الحركة الإصلاحية ، ونائبه في رئاسة جمعية العلماء ، ورفيق نضاله لتحرير عقل المسلم من الخرافات والبدع .
ولد عام 1889م في قرية (سيدي عبد الله) من نواحي (سطيف) التابعة لمدينة قسنطينة .
تلقى تعليمه الأوَّلي على والده وعمه ؛ فحفظ القرآن ودرس بعض المتون في الفقه واللغة .
غادر الجزائر عام 1911 ملتحقاً بوالده الذي كان قد سبقه إلى الحجاز ، وتابع تعليمه في المدينة ، وتعرف على الشيخ ابن باديس عندما زار المدينة عام 1913 ، غادر الحجاز عام 1916 قاصداً دمشق ، حيث اشتغل بالتدريس ، وشارك في تأسيس المجمع العلمي الذي كان من غاياته تعريب الإدارات الحكومية ، وهناك التقى بعلماء دمشق وأدبائها ، ويتذكرهم بعد ثلاثين سنة من عودته إلى الجزائر فيكتب في (البصائر) العدد 64 عام 1949 : ( ولقد أقمت بين أولئك الصحب الكرام أربع سنين إلا قليلاً ، فأشهد صادقاً أنها هي الواحة الخضراء في حياتي المجدبة ، وأنها هي الجزء العامر في عمري الغامر ، ولا أكذب الله ، فأنا قرير العين بأعمالي العلمية بهذا الوطن (الجزائر) ولكن ...
مَن لي فيه بصدر رحب ، وصحب كأولئك الصحب ؛ ويا رعى الله عهد دمشق الفيحاء وجادتها الهوامع وسقت ، وأفرغت فيها ما وسقت ، فكم كانت لنا فيها من مجالس نتناقل فيها الأدب ، ونتجاذب أطراف الأحاديث العلمية ...).
فى عام 1920 غادر الإبراهيمي دمشق إلى الجزائر ، وبدأ بدعوته إلى الإصلاح ونشر العلم في مدينة (سطيف) ، حيث دعا إلى إقامة مسجد حر (غير تابع للإدارة الحكومية) وفي عام 1924 زاره ابن باديس وعرض عليه فكرة إقامة جمعية العلماء ، وبعد تأسيس الجمعية اُختِير الإبراهيمي نائباً لرئيسها ، وانتدب من قِبل الجمعية لأصعب مهمة وهى نشر الإصلاح في غرب الجزائر وفى مدينة وهران وهي المعقل الحصين للصوفية الطرقيين ، فبادر إلى ذلك وبدأ ببناء المدارس الحرة ، وكان يحاضر في كل مكان يصل إليه ، وهو الأديب البارع والمتكلم المفوَّه ، وامتد نشاطه إلى تلمسان وهى واحة الثقافة العربية في غرب الجزائر وقامت قيامة الفئات المعادية من السياسيين والصوفيين وقدموا العرائض للوالي الفرنسي ؛ يلتمسون فيها إبعاد الشيخ الإبراهيمي ، ولكن الشيخ استمر في نشاطه ، وبرزت المدارس العربية في وهران .
وفي عام 1939 كتب مقالاً في جريدة (الإصلاح) ؛ فنفته فرنسا إلى بلدة (أفلو) الصحراوية ، وبعد وفاة ابن باديس انتخب رئيساً لجمعية العلماء وهو لا يزال في المنفى ولم يُفرج عنه إلا عام 1943 ، ثم اعتقل مرة ثانية عام 1945 وأفرج عنه بعد سنة .
وفى عام 1947 عادت مجلة (البصائر) للصدور ، وكانت مقالات الإبراهيمي فيها في الذروة العليا من البلاغة ومن الصراحة والنقد القاسي لفرنسا وعملاء فرنسا .
يقول عن زعماء الأحزاب السياسية : (ومن خصومها (أي الجمعية) رجال الأحزاب السياسية من قومنا من أفراد وأحزاب يضادّونها كلما جروا مع الأهواء فلم توافقهم ، وكلما أرادوا احتكار الزعامة في الأمة فلم تسمح لهم ، وكلما طالبوا تأييد الجمعية لهم في الصغائر - كالانتخابات - فلم تستجب لهم ، وكلما أرادوا تضليل الأمة وابتزاز أموالها فعارضتهم )[1] .
ودافع في (البصائر) عن اللغة العربية دفاعاً حاراً : ( اللغة العربية في القطر الجزائري ليست غريبة ، ولا دخيلة ، بل هي في دارها وبين حماتها وأنصارها ، وهي ممتدة الجذور مع الماضي مشتدة الأواصر مع الحاضر ، طويلة الأفنان في المستقبل ) [2] .
واهتمت (البصائر) بالدفاع عن قضية فلسطين ؛ فكتب فيها الإبراهيمي مقالات رائعة .
عاش الإبراهيمى حتى استقلت الجزائر ، وأمّ المصلين في مسجد (كتشاوة) الذي كان قد حُوّل إلى كنيسة ، ولكنه لم يكن راضياً عن الاتجاه الذي بدأت تتجه إليه الدولة بعد الاستقلال ؛ فأصدر عام 1964 بياناً ذكر فيه : " إن الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن تنبعث من صميم جذورنا العربية الإسلامية لا من مذاهب أجنبية " .
تُوفي - رحمه الله - يوم الخميس في العشرين من أيار (مايو) عام 1965 .
بعد أن عاش حياة كلها كفاح لإعادة المسلمين إلى دينهم القويم ؛ فجزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين .
________________________
(1) د الخطيب : جمعية العلماء ، ص155 .
(2) المصدر السابق ، ص156 .
 
Top