ع
عبد الواحد الصقلي
Guest
الحمدُ لله ربِّ العالَمينَ ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ علَى نَبِـيِّنا محمَّدٍ وعلَى آلِه وصَحْبِه أَجمعِينَ ، أَمَّا بَعْدُ
قالَ الشَّيْخُ أحمدُ بْنُ عُمرَ الحازِمِيُّ حفظهُ اللهُ تعالَى
يَـرِدُ السُّؤالُ هُنا : كَـيْفَ يكُونُ طالبُ العِلْمِ نَحْوِيًّـا ؟
ما هِيَ كيـفِيَّـة دراسةِ النَّحْوِ وعُلُومِ اللُّغةِ العربِيَّـةِ الباقيـةِ ؟ ؛ هذَا لا بُدَّ مِنْ تعيِـيـنِه ابْـتِداءً ، كيفَ يَدرُسُ طالبُ العلْمِ النَّحْوَ ؟
لا شَكَّ أنَّ النَّحْوَ مِنْ أَصْعبِ الفُنُونِ ! ؛ ولذلِكَ يُـرَجَّحُ عندَ كثيرٍ مِنْ أَهلِ العِلْمِ أنَّ مِثلَ علمِ النَّحْوِ وأُصُولِ الفِقْهِ ينبغي أنْ يُفْرِدَهُ طالبُ العلْمِ دراسةً مُسْتَقِلَّـةً ، بِمعْنَى : أنَّه يتفرَّغُ لـمَتْنٍ ما ولا يقرأُ إِلَّا إيَّـاهُ ، فقطْ ! لا يقرأُ إِلَّا هذَا المتنَ ؛ لماذَا ؟ : لأنَّ أَيَّ مَتْنٍ يُقْرأُ ـ وهذِه قاعدةٌ عامَّـةٌ مَنهَجِيَّـةٌ ـ أيَّ مَتنٍ يُقْرأُ لا بُدَّ أَنْ يعتَنيَ طالبُ العلْمِ بأنْ يكُونَ هذَا المتنُ مَحفُوظًا ؛ ولذلكَ ( لا يُدرسُ إِلَّا ما يُحْـفَظُ ) هذَا هُو الأَصْلُ
أوَّلًا : حِفْظُه
ثانِـيًا : فهْمُ مُرادِ المصنِّفِ مِنهُ
ثالِثًا ـ وهذَا خاصٌّ بِالنَّحْوِ ويُلْحَقُ بِه أُصُولُ الفِقْه ـ : التَّطبيقُ العَمَـلِيُّ ؛ بأنْ يأخُذَ طالبُ العِلْمِ إِذَا درَسَ نِصْفَ الكِتابِ مَثَـلًا ، وعرَفَ تَمْيِـيزَ الفِعْلِ مِنَ الاسْمِ مِنَ الحرْفِ يأتي يُطَـبِّق : يأخُذُ خاصَّةً ـ وهذِه طريقةُ الشَّناقِطةِ والإِثْيُوبِيِّـينَ وغيرِهمْ ـ أنَّهُ يأتي إِلَى الكتابِ نَفْسِه فيدْرُسُه فِقْهًا ، يَعْني : يتفقَّهُ في مَعانِـيه ، ويُعْرِبُه إِعْرابًا
وهذِه سُنَّـةٌ عندَ أَهْلِ العِلْمِ ؛ ولذلِكَ تَجِدُ ( تَمرينَ الطُّـلَّابِ ) لِـ ( خالدٍ الأَزْهريِّ ) ، وتَجِدُ ( الخريدةَ البَهِيَّـةَ في إِعرابِ الآجرُومِيَّـةِ )
وتَجِدُ أَهلَ العِلْمِ يَعْتَـنُونَ بـ ( إعْرابِ الشَّواهِدِ ) : شَواهِدُ ( ابْنِ عَقِـيلٍ ) كَمْ مِنْ مُعْرِبٍ لَها ! ، شَواهِدُ ( ابْنِ هِشَامٍ ) كمْ مِنْ مُعْرِبٍ لَها ! ... إلى آخِرِه ؛ لماذَا ؟
لأَنَّ طالبَ العِلْمِ يتَمرَّنُ ويتمرَّسُ علَى هذِه
والعِلْمُ صَعْبٌ ، كُـلُّه صَعْبٌ ، والنَّحْوُ مِنْ أَصْعبِ الفُنُونِ
فلذلِكَ يأتي : ( قالَ عُبَـيْدُ رَبِّه ) ، ( قالَ محمَّدٌ ) ، ( قالَ ابْنُ آبَّـه ) ؛ يأتي يُطبِّـق
( قالَ ) هذِه اسْمٌ أَمْ فِعْلٌ أَمْ حَرْفٌ ؟ ماذَا درَسْتَ أنتَ ؟ كَيْفَ تُمَـيِّـزُ بَيْنَ الفِعْلِ والحرْفِ والاسْمِ ؟ ؛ تُطَـبِّق علَى : ( قالَ ) ، ( ابْنُ ) ، ( آبَّـه ) ، ( واسْمُه ) الواوُ هذِه اسْمٌ أَمْ فِعْلٌ أَمْ حَرفٌ ؟
لابُـدَّ أنْ تأتيَ بِالدَّليلِ ، وإِذَا مرَّ طالبُ العِلْمِ علَى جُلِّ الكِتابِ حينَـئِـذٍ يأتي بِالدَّليلِ بِنَصِّ الكِتابِ ؛ فيقُولُ مَثَـلًا : هذَا خبرٌ مٌـؤَخَّرٌ ، ما الدَّليلُ ؟
والأَصْلُ في الأَخْبارِ أَنْ تُـؤَخَّرَا......................................
هكذَا يجْعلُونَ الأَلْفِيَّـةَ دليلًا يُسْتَدَلُّ بِه
وكذلِكَ في مِثْلِ هذِه المنظُومةِ ( نظمَ الآجروميَّـةِ لابْنِ آبَّه ) ؛ تَحفَظُ وتأتي إِلَى الفاعِلِ وترفَعُه ؛ لماذَا رفَعْتَ الفاعِلَ ؟ : تَـقُولُ
الفاعلَ ارْفَعْ ..........................................................
وتَقِفُ ، فقطْ ، لا تأتي بِالبَـيْتٍ كامِلًا ، لماذَا ؟ : لتُمرِّسَ نَفْسَكَ وتُمرِّسَ الذِّهْنَ علَى الإِتْيانِ بِالشَّاهِدِ فقَطْ
إِذَنْ ؛ لا بُدَّ مِنَ الحفْظِ ، ولا عِلْمَ إِلَّا بِحِفْظٍ ، لا بُدَّ مِن اسْتِيعابِ مُرادِ صَاحبِ النَّـثْرِ أَوْ صَاحبِ النَّظْمِ
ثُمَّ في النَّحْوِ علَى جِهةِ الخُصُوصِ لا بُدَّ مِنَ التَّطبيقِ العَمَـلِيِّ ، والتَّطبيقُ العَملِيُّ خَيْرُ ما يَعْتَمِدُه طالبُ العِلْمِ : الكتابُ الَّذي يَحْفَظُه ؛ تأتي لِنفْسِ الكتابِ الَّذي تَحْفَظُه وتُعْرِبُه إِعْرابًا تامًّا ، كلَّ ما درسْتَه ترْجِعُ مِنَ الأَوَّلِ وتُعْرِبُه ؛ حينـئِذٍ يَسْهلُ علَيْكَ النَّحْوُ
أَمَّا إِذَا أَخذَ أَمْثِلَـةً : ( جاءَ زَيْـدٌ ) يُعْرِبُ ( جاءَ زَيْـدٌ ) ، وإِذَا قالَ : مِثالٌ آخرُ ؛ قالَ : ( جاءَ عَمْرٌو ) غيَّر ، لا إِشْكالَ ، لا شَيْءَ جَدِيد ! فالأَسْماءُ تُغَيَّـرُ والتَّرْكيبُ واحِدٌ ، لكنْ إِذَا درَسَ النَّظْمَ عرَفَ ماذَا ؟ : عرفَ التَّراكيبَ المتغايِـرَةَ
وخاصَّةً المنظُوماتُ فيها مِنَ الإِشْكالاتِ الكبيرةِ ما لا يُوجَدُ في النَّـثْـرِ ؛ فحينَئِذٍ يَتعلَّمُ طالبُ العِلْمِ ويَسْتَفيدُ منَ الَّذي يَحْـفَظُه. اهـ