كُفَّ عنِ الشَّكوى وابدَإِ العلاج

abou khaled

Junior Member
كُفَّ عنِ الشَّكوى وابدَإِ العلاج


كُفَّ عنِ الشَّكوى وابدَإِ العلاج


كثير من الناس ليلَ نهار ليس لهم هَمُّ إلا الشكوى .. التبرجُ كثيرُّ!.. والفِتنُ ! و..و..

يقول إسماعيلُ الهَرَوِي : (( الزهدُ في الدنيا نَفْضُ اليدين عن الدنيا ضبطًا أو طلبًا ، وإسكاتُ اللِّسان عنها مدحًا أو ذمًا ، والسَّلامةُ منها طَلبًا أو ترْكًا))




الشاهدُ الذي نَسْتَخرِجُهُ مِنُ هذا الكلام المُهِم : أنَّ الذي يحبُّ الدنيا يتكلمُ عنها كَثيرَّا ولو بالذم ... كذلك يُعَدُّ الرجل مفتونًا بالنساء إذا أَكْثرَ من ذِكْرِهِنّ ولو بالذمِّ ، والذي يتكلمُ عن المالِ كثيرًا ولو بالذمِّ فهو أيضًا مَفْتونٌ .. ومن هنا فالذي يَشْتكي كَثيرًا فمفتون ، قال الملك العليم سبحانه - في آية من الآيات الفاضحه : {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا } التوبة : 49


تجد أحدَهم يقولُ :لا أُريُدُ أَنْ أذهبَ إلى الدرس الفلاني لأًّنَّ هناك نساءً أنا ضعيفُّ !!.. يامفتون...تقول له اخطب الجُمعةَ فيقول لكَ أخافُ منَ الرياء ! .. مفتون .. عجبًا لكْ ! ، طوال الوقت تتكلم وتقول : حلال وحرام ، ونصَّبتَ نفسَكَ شيخًا ، لماذا عند تَحمُّلِ المسْؤوليةِ تخافُ من الرياء ؟!!.. اللَّهُمَّ ثبِّتنا على الإيمانِ وارزقْنا الإخلاص.



الإمام مالك كان إذا أعطى موعظةًّ بَكى وقال : (( يحسبون أنَّ عيني تُقِرُّ بكلامي ، كيف وأنا اعلم أن الله سائلي عنه يوم القيامة ماذا أردتَ به ))..وعلى الرغْم من هذا الكلام ، إلا أنه لم يتوقف عن الوعظِ ، ولم يقلْ مثلما يقولُ شبابُ اليوم أخاف على نفسي من الرياء..








كُفَّ عنِ الشَّكوى وابدَإِ العلاج ..تجدُ بعضَ الناسِ يَشْكو من الوسوسةِ وليس به شيء ولكنه يَظل يقول : الوسوسة .. الوسوسة .. حتى يُوَسْوَسَ فعلا .. بسبب كثرةِ شكواه .. يَظَل يَشْكو : النِّساءَ.. النِّساءَ ، فيقعُ في الفِتنة ، ولو كفَّ عن الشكوى وَبدأَ في العلاجِ ، لكفاه الله هذه الفتنة




إنَّ مصيبةَ كثيرٍ من الإخوةِ أنهم مَشْغولون بالزواج .. فترى الواحدَ منهم يمشي في الشارعِ فيقول في نفسه : أتزوج هذه أم هذه؟ .. لا ، بلْ هذه.. لا بل مِثْلَ هذه.. إذا أردتَ الراحة فأرفع هذا الموضوعَ عن تفكيرِك ، وَعِشْ حَياتَك الإيمانية كما ينبغي ، ووقتَ أن تُقرِّرَ الزواجَ تزوَّجْ في نفسِ اللَّحظة .. أمَّا أن تعيش هكذا ، مُشَتَّتَ الفِكْرِ ، تَشْتَكي دَوْمَّا من هذه القضيةِ ، فلن تَنْجوَ من الفتنِ أبدَّا .. فأرحْ دماغَك الآن عن هَم ِّ الزواجِ طالما أن ظروفَك الإيمانية والحياتية لاتسمح .. هذا هو الحَلُّ للفتنة : عَدَم ُالشكوى وعَدَمُ الهمِّ ، وعدمُ الضيقِ والمرضِ بسببها .




بعضُ الناسِ يقول: المال .. مالنا ،وللمال : المال دنيا ، فكلامُهُ المتكرر هذا عن المال دليلُّ على أنه مفتون بالمالِ والدنيا . وفرقُّ بين مَنْ يشكو ليُعَان وبين من يشكو ليتهرب .




سيدُنا موسى – عليه على نبيِّنا الصلاةُ والسلام – لمَّا قال له ربُّه : {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} النازعات : 17 {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33) وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (34)} القصص : 33 - 34



.. اشتكى ، ولكنه طلبَ العونَ فأُعِينَ .. أَعانهُ الله ووهبَ أخاه هارونَ النبوةَ .. وهذه من البركاتِ .. أن يُرزقَ أحدُّ النبوةَ .. قال موسى : يارب ، وأخي ،، فقال – سبحانه : وأخوك .


ولذا أُريدُ منك حينما يَرزقُكَ الله الالتزامَ .. أريدك أن تقولَ : يارب ، وأخي .. يارب ، وأبي .. يارب ، وأمي .. يارب ، وأختي .. يارب ، وجاري .. .. أدعُ اللهَ أن يهديَهُم وانشغلْ بإصلاحِهم بدلاً من أن تظلَّ تَشْكُوهم وتَشْتَكِي منهم فَتكْرَهَهُم َويكْرَهوك .. ادع اللهم لهم كُفَّ عَنِ الشَّكْوى ،، لِيُنَجِّيَهم كما نجَّاك .




الرَّسول صلى الله عليه وسلم لما قيل له : نَطبِقُ عليهم الأخشَبين ؟ ، قال : ((لعلَّ اللهَ يُخرجُ من أصلابِهم من يُوحِّدُ الله)) ...خرجَ وتَعِبَ واستفرغَ وُسْعَه ..َ



فليس هَمنا أن يحرِق اللهُ الكفار ، وإنما همنا أن يهديَهم ، فما بالك بأهلِك الذين تشكُوهم .. اللَّهمَّ اهْدِ المسلمينَ وغيرَ المسلمين يارب .






أيها الإخوة ، كُفُّوا عن الشكوى وابدأوا العلاجَ .. كفاكُم شكاوَى .. أنا لا أستطيع القيامَ للفجرِ ، لا أقدرُ على الدَّعْوَة ، لا أقدرُ على كذا ولا أستطيعُ كذا .. طالما تشتكي فلن تَقومَ ولن تَقدِرَ ولن تستطيعَ .




الرَّسول صلى الله عليه وسلم لمَّا جاءَهُ الرجلُ المُوَسْوَسُ وقال له : إن أحدَنا ليجدُ في نفسِهِ ما يتعاظَمُ أن يتكلَّمَ به ، قال : (( الحمد لله الذي رَدَّ كيدَه إلى الوسْوسَةِ . إذا وجدَ أحدُّ منكُم ذلك فليقلْ ، آمنتُ باللهِ ورسولِه ، ولْيَستعذْ باللهِ ثلاثًا ولينْتهِ )) "ولينتهِ" : أي لايفكر فيها مرةً ثانية .




(( الحمد لله الذي رَدَّ كيدَه إلى الوسْوسَةِ )).. أي إنَّ الشيطان حينما ييأس ، ويخيبُ في إغواءِ الرَّجُل ، لايَجِدُ شيئًا يَكِيْدُ بهِ سِوى هذه الَوَسْوَسَة .. فهي سلاحُهُ الَّضعيف ،، ولذا قال النبيُّ صلى الله عليه سلم : (الحمد لله).




وقد قال صلى الله عليه سلم أيضًا في قطع الوساوس : ((اتفُلْ عن يَسارِكَ ثلاثَا ، وقل : اللَّهمَّ ربِّي لاشريكَ له )) .

اتفُلْ على الشيطانِ ، فهذا احتقارُّ له وازدراءُّ وإهانةُّ ،، حتى لايأتيكَ مرةً ثانيةً .. ولا تعبأْ به .. وإنَّما انشغلْ باللهِ وحدَه فقُلْ ، الله ربي لا شريك له.. ثم انْتَهِ عن ذلك ، أي : لا تتكلمْ ولا تسألْ أحدًا ولا تقرأْ عن هذه المسألةِ ولا تبحثْ عنها ، وإنَّما انته لتنقَطِعَ الوساوسَ .




إذًا فالعلاجُ في أربعةِ أمورٍ :
- قل : آمنتُ باللهِ ورسولِه .
- استعِذْ بالله من الشيطان الرجيم .
- اتفُلْ عن شِمالِك ثلاثًا .
- اسكُتْ .. التزم الصمتَ .. لاتَشْتَكِ .. انتهِ .. أَغْلِقْ هذا البابَ تمامًا


كثيرُّ من الشبابِ يقول : أبي يعملُ كذا وكذا ، وأُمي تقومُ بكذا وكذا .. وأُختي .. وأَخي .. والمسْجِدُ فيه كذا ، والإمامُ يفعل كذا .. والشيخُ قال كذا .. وَيَظَلُّ يَشْتَكِي .. ارحمْ نفسك . ولا تُكْثِرْ الشكوى .. لاتكثر الشكوى ، وإنما اسكتْ .. اصمتْ لتستريحَ وتُريحَ الناسَ من هَمِّك ومَشاكِلِك ، فالناسُ بهم ما يَكْفيهم ، وإنما الرَّاضي منهم مَنْ أَرْضَاه اللهُ ، فارْضَ باللهِ واشْكُ همومَك إليهِ وحدَه يَكفِك ما أهمَّك ، فهو – سبحانه- يعلمُ حالَك .


إخوتاه ، إنَّ الذين يَشْكون الواقِعَ لن يُغيِّروه مُطْلقًا ، بل ولن يَتَغيَّروا هُمْ أَيضًا ، سَيظَلون هكذا في وَحْلِ الفتنةِ يُقَاسُونَ المرارةَ والكَرْبَ طَالما أنهم لم يَبدءوا العلاجَ من عندِ أنفسهم .

إنَّ الوصولَ إلى اللهِ – أحبتي في الله – يحتاجُ مِنَّا ألا نَقِفَ أمامَ المشاكلِ والهموم مَكتوفي الأيدي ، واضعين أيدِينَا على خُدودِنا نِشْتكي إلى كلُّ رائحٍ وغادٍ ، بَل لابُدَّ من التحرُّكِ والعلاجِ .. فعاهِدْ نَفْسَك – أخي في الله – من الآن ألَّا تشتكيَ مُطْلقًا – كُفَّ عن الشكْوى وابدأ العلاجَ ، لُيُعينَك اللهُ على الوصول إليه .

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
من أجمل ما قرأت لفضيلة الشيخ المربي ( محمد بن حسين آل يعقوب)
 
Top