tomatos and blood

islamisthesolution

Junior Member
أخبار بطيئة من غزة

salaam 3lykum wa rahmatu Allah wa barakatuh

يسارع الجميع لالتقاط الأخبار العاجلة التي تبثها وسائل الإعلام على مدار الساعة من داخل قطاع غزة، وذلك إما من أجل الاطمئنان على الأهل والمقاومة، أو المعرفة وإدراك ما يجري في غزة، أو للتحليل السياسي والعسكري لاستشراف ما تخبئه الأيام القادمة.. لكن هذه الأخبار العاجلة فقدت قيمتها المثيرة من كثرة تكرارها وتشابهها لدرجة أصبح فيها الخبر البطيء أكثر أهمية وإثارة .. فالقصف المستمر على جميع أنحاء قطاع غزة يُشاهد على الهواء مباشرة، وهدم البيوت على رؤوس سكانها وإبادة عائلات بأكملها بدم بارد بعد اقتحام بيوتها ، وتهجير السكان من مناطق سكناهم بالقذائف والغاز السام ، كل هذا يشاهده العالم على الهواء مباشرة بالصوت والصورة، وبإمكان أي مشاهد مهما كانت ثقافته تخمين الخبر العاجل الذي سيلي ما شاهده في البث الحي والمباشر من غزة ..

أما الأخبار البطيئة التي تطبخها نيران القصف ببطء شديد، فقد فاقت أهميتها الأخبار العاجلة لما تمثله من إثارة في المشاعر على اختلاف أشكالها ونوعية الأخبار المتعلقة بها .. وبما أن هذه الأخبار أصبح لها أهمية عند المعنيين بسماعها، اسمحوا لي أن أورد لكم البعض منها وكلها حقيقية وموثقة ومن قلب ميدان غزة الشموخ و العزة..

خبر بطيئ ..
طماطم ودم..
الطفل أيمن ابن الخامسة يحاول لليوم الثاني على التوالي إيقاف نزيف أخيه سائد الذي يرقد مثخناً بالجراح بين جثة أمه ويده المبتورة وسط بركة من الدماء أحدثتها إحدى قذائف الدبابات التي تقف خلف المنزل مباشرة .. تمر الساعات ببطء وينتبه أيمن لأنين أخيه راشد الذي ظنه استشهد لحظة القصف .. يقترب أيمن من راشد ليحاول فهم كلماته التي سمعها بصعوبة بسبب صوت القصف، فيكتشف أن أخيه يريد شربة ماء، ويكتشف أيضاً أنه بحاجة للشراب والطعام من شدة الجوع الذي يشعر به .. يذهب على الفور إلى المطبخ ويلتقط من وسط الدمار زجاجة ماء وثمرتين طماطم احتضنهم جميعا بيد واحدة لأن الأخرى مصابة ويصعب عليه استخدامها، ثم يتجه نحو راشد كي يسقيه الماء، إلا أن الأخير يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو يتمتم بالشهادة بينما يذهب الماء عبثاً ليختلط بالدماء على الأرض .. يهرع أيمن باتجاه أخيه سائد ليخبره بأن راشد استشهد، لكن أيمن لم يحرك ساكناً، ولولا أنه شاهد الدموع في عينيه، لظن أنه استشهد هو أيضاً..بعد مرور فترة من الوقت، أخبره سائد بأنه لم يرد عليه لأنه كان يصلي ، ثم طلب منه بخجل حبة طماطم لأنه يشعر بالجوع.. ارتج المنزل بشدة بسبب اشتداد القصف ولكن أيمن لم يكترث وأحضر حبتين الطماطم اللتين سقطتا بجوار جثة أخيه راشد ، ثم اجتهد لإطعام أخيه سائد بيده لعدم استطاعة الأخير إبداء أي نوع من الحركة بسبب جراحه .. يدخل الليل ويزداد الجو برودة ممزوجة برائحة البارود المنبعث من فوهة الدبابات .. لكن أيمن تجرأ وذهب إلى غرفة النوم التي انهار جدارها وتبعثر أثاثها، واستخلص بصعوبة بالغة من وسط الأطلال غطاءين وضع أحدهما على أخيه الذي كان جسده يرتجف وينتفض بشدة، بينما وضع الآخر على جثة والدته ثم نام بجوارها واضعاً يده في يدها التي لم يعتدها يوما باردة إلا في تلك اللحظة .. ليلة أخرى طويلة تمر عليه، تعارك فيها ظلام الليل وضوء المدافع الذي ينبعث من النوافذ وشقوق الجدران، ثم يفاجئ بشروق الشمس التي ظن أنها استشهدت من طول غيابها.. يحاول الانتقال من مكانه ليوقظ أخيه سائد، فيكتشف أن أطرافه ترفض الاستجابة، فيجبرها على ذلك حبواً، ولكنه لم يستطع إجبار أخيه سائد على الاستيقاظ لأنه استشهد هو أيضاً .. تمضي الساعات ببطء شديد، ثم يدخل المنزل رجال الإسعاف ليحكي أيمن حكايته ببطء شديد عندما يستفيق في المستشفى
 
Top