أسباب مرضاة الرب

ayman

La Ilaha Illa Allah
Staff member
أسباب مرضاة الرب
الشيخ صالح بن سعد السحيمي



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن دعى بدعوته واستنّ بسنّته وسار على نهجه إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الإخوة في الله

إن من أبرز صفات المؤمنين والمؤمنات الذين يريدون أن يكون لهم ذخر عند الله سبحانه وتعالى والذين يريدون أن تثقل موازينهم وأن تضاعف حسناتهم وترفع درجاتهم وتقال عثراتهم وتحط سيئاتهم إن من شأن أهل هذا الأمر المبادرة إلى الأعمال الصالحة إذ أن ذلك سبب عظيم في محبة الرب سبحانه وتعالى ,فإذا أحب عبده كان موئله وعونه وكان حافظا له من كل مكروه وموفقا له في كل مساعيه الخيّرة وميسّرا له أمره يتضح هذا من خلال ما رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

« من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب وماتقرب إليّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ».

قد بدأ هذا الحديث القدسي بتهديد من آذى أولياء الله ومن آذى أولياء الله بأي شكل من أشكال الأذى أو عاداهم بأي لون من ألوان المعاداة لأنه محارب لله ورسوله ولذلك قال :« من عادى لي وليّا فقد آذنته بالحرب » أي: فليعلم علم يقين بمعاداته للمؤمنين الصالحين و إيذائه لهم وتعدّيه عليهم بأي شكل من أشكال التعدّي أنّه بذلك محارب لله ولرسوله ومن كان محاربا لله ورسوله فحسبك بذلك من خزي وعقوبة وعدم توفيق فليحذر المسلم من هذا سواء كان,كانت المعاداة بغضا بالقلب أو كراهية أو تعدّيا باللسان أو تعدّيا باليدّ أو أي شكل من أشكال التعدي ولذلك يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم :

« المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده » وكثير من النّاس اليوم لا يتورعون من إيذاء عباد الله الصالحين وأولياءه المؤمنين { الذين آمنوا وكانوا يتقون } [يونس/63] إمّا بالغمز واللّمز و إمّا بالتعدّي على الحقوق وأكل أموال النّاس بالباطل وإمّا بإطلاق اللسان يلغ في أعراض المسلمين وبخاصة إذا وصل الأمر إلى الوقوع في أعراض العلماء الربّانيين الّذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون, فإنه إذا وصل الأمر إلى هذا الحد فحينئذ يزداد الخطر ويعظم الأمر لأن النّيل من أولئك نيل من الإسلام كلّه والوقوع في أعراضهم وقوع في المحاربة لله ولرسوله ,ومن عاداهم أو آذاهم أو تعدّى على أموالهم أو أعراضهم أو حرماتهم أو آذاهم من أجل دينهم بالذّات فإنه محارب لله ولرسوله, لا سيما إن كان الإيذاء من أجل الدّين أو من أجل تمسّكهم بالكتاب والسنة أو من أجل دعوتهم إلى التوحيد أو من أجل ما منّ الله به عليهم من هداية النّاس ودلالتهم على الخير, فإذا كان الدّافع هو ذلك فإن الأمر أعظم وأخطر ولذلك كفّر الله عزوجلّ أولئك الذين تكلموا في النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه وغمزوهم ولمزوهم { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون [65] لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } [التوبة:65/66] .

وكان من مقالتهم أنهم قالوا كلاما عاديا يستمرؤه ويستسهله كثير من الناس من الغمز واللمز وكان قول هذا الذي نزلت الآية بشأنه أو قول هؤلاء الذين نزلت الآية بشأنهم أنهم قالوا :« ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أكذب ألسنا ولا أكبر بطونا ولا أجبن عند اللقاء » فأوحى الله تبارك وتعالى إلى نبيه لمقالة السوء هذه وفضحهم على الأشهاد لأن غمزهم كان متعلقا بالدّين ومن أجل الدّين وقد كثر الإستهزاء بالسنة وبمن يدعوا إليها وبمن يرغب فيها وربما صدر ذلك أحيانا من رجال أو نساء يزعمون العلم أو يدّعون العلم فيقعون في أعراض علماء الأمة ويتنقّصونهم من أجل التزامهم بالسنة وهذا الأمر في غاية من البعد عن الله عزوجل ويخشى على صاحبه من الزيغ والفتنة ويخشى عليه من أن ينطبق عليه هذا الحديث <من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب>وفي وسط,وفي غمار تلك الفتن التي يمر بها المسلمون والمحن التي تحيط بالمؤمنين من كل حدب وصول في غضون ذلك, تجد من يغمز ويلمز ويؤذي أهل السنة من أجل التزامهم بالسنة أو دعوتهم إليها وتصدر منهم من الألفاظ البذيئة ما لا يمكن تصوره مما قد يصل إلى النيل منهم والتهكّم بالسنة والطعن في أهلها ممّا قد ينتج عنه فتنة عظيمة حيث يصدّ الناس الذين يريدون أن يستفيدوا من هذا العالم أو ذاك بسبب هذه الأساليب التي أول ما عرفت عن المنافقين الذين ظهروا في هذه الأمة, وقد حذّرنا الله تبارك وتعالى من سلوك طريقهم فإن أول هذه الآية يتعلق بالمنافقين ومقالاتهم أول هذه الآيات { يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤوا إن الله مخرج ما تحذرون [64 ] ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون [65] لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } [التوبة:64/65/66]

وإنما شأن المؤمنين أن يدعوا دائما لإخوانهم المسلمين وبخاصة العلماء منهم ويلجأون إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء لهم ويرون أن الدعاء لهم ومحبتهم قربة تقربهم إلى الله سبحانه وتعالى وتعالى منزلتهم عند الله -عزوجل - فإن المرء يحشر مع من أحب و«المرء على دين خليله» ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له الرجل: يارسول الله إن الرجل يحب القوم ولمّا يلحق بهم قال: «المرء مع من أحب», فيجب علينا أن يكون حبنا في الله وبغضنا في الله وموالاتنا في الله ومعاداتنا في الله وهذه أوثق عرى الإيمان التي حث عليها ورغّب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بخصوص التنافس في أعمال الخير والتسابق في أعمال البّر الناتج عن هذه المحبة لله ولرسوله فإنّها ستكون محور درس الغد إن شاء الله أسأل الله الكريم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وإياكم بالعلم النافع والعلم الصالح وأن يجعلنا إخوة متحابين في الله متآلفين فيه متعاونين في سبيله مجتهدين في طاعته متقربين إليه بما يرضيه سبحانه وتعالى حتى نكون محققين لقول الله عزوجل{ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } [البقرة/49] و{ لمثل هذا فليعمل العاملون }[الصافات/61] .

وفقني الله و إياكم لما فيه رضاه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
http://almenhaj.net
 
Top