ا
FROM ISLAMWAY.COM ......
حدثتني داعية من إحدى الداعيات إلى الله تعالى عن قصة واقعية مؤثرة حدثت في مدينتها الطاهرة؛ مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأكتب لكن هذه القصة – بتصرف - التي يجب أن نضعها أمام ناظرينا، وننقلها لتكون أمام أنظار الزوجات، والبنات، والأخوات؛ بل والأمهات ليكون في ذلك نشر للخير والفضيلة, ولتعرف الفتيات أن الجمال والسعادة ليست والله بالنقوش والزينة، ولا بحسن الملبس والمظهر، أو بكثرة المال والبنيان، أو بآخر موضة من الأزياء، أو بمتابعة آخر صرخة في عالم العطور وآخر قصة في عالم الشعر..
كما أن القصة تؤكد ذلك المعنى العظيم للرجال الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: "الدنيا متاع وخيرها المرأة الصالحة" [رواه الإمام مسلم]
أترككم الآن مع القصة مستعينة بالله تعالى:
إنها امرأة صالحة تقية نحسبها كذلك ولا نزكي على الله أحدًا. حبيبها الليل.. قلبها تعلق بمنازل الآخرة.. تقوم إذا جنّ الظلام.. لا تدع ذلك لا شتاء ولا صيفا.. طال الليل أم قصر.. لطالما سُمع خرير الماء في هدأة السحر على أثر وضوءها.. لم تفقد ذلك ليلة واحدة.... أنسها.. سعادتها.. في قيام الليل وقراءة كتاب الله.. في مناجاتها لربها.. تهجدها.. دعائها.. لم تدع صيام التطوع سواء كان حضرًا أم سفرًا.. أشرق وجهها بنور الطاعة.. ولذة الهداية..
(.... تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ...) [الفتح: 29]
جاء ذلك اليوم.. الذي وقع فيه قضاء الله تعالى من فوق سبع سماوات.. تقدم إليها من يطلب يدها.. قالوا محافظ.. مصلٍ.. وافقت على ذلك بعد الاستخارة والالتجاء إلى ربها.. وكان مما اعتاد عليه أهل مدينتها أن ليلة الفرح تبدأ في الساعة الثانية عشر ليلا وتنتهي مع أذان الفجر! لكن تلك الفتاة اشترطت في إقامة حفل زواجها: "بأن لا تدق الساعة الثانية عشر إلا وهي في منزل زوجها". ولا يعرف سر ذلك إلا والدتها.. الكل يتساءل.. تدور حولهم علامات الاستفهام والتعجب من تلك الفتاة!! حاول أهلها تغيير رأيها فهذه ليلة فرحها التي لا تتكرر وقبل هذا يجب مجاراة عادات وتقاليد أهل بلدتها.. لكنها أصرت على ذلك كثيرا هاتفة: إذا لم تلبوا الطلب، فلن أقيم حفل زفاف! فوافق الأهل على مضض..
(... وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ..) [البقرة:216]
مرت الشهور والأيام.. تم تحديد موعد الزواج.. وتلك الفتاة ما زادت إلا إيمانا وتقوى، تناجي ربها في ظلمات الليل البهيم.. أنسها وسعادتها كله في الوقوف بين يدي الله.. لذة الأوقات وبهجتها في ذلك الوقت، الذي تهبّ فيه نسمات الثلث الأخير، لتصافح كفيها المخضبتين بالدموع.. لتنطلق دعوات صادقة بالغة عنان السماء.. طالبة التوفيق من الله تعالى..
توالت الأيام.. وذات مساء جميل.. كان القمر بدرًا.. دقت ساعة المنبه معلنة عن تمام الساعة التاسعة مساء.. انتشر العبير ليعطّر الأجواء.. بدأت أصوات الزغاريد وضاربات الدفوف ترتفع.. زفت العروس إلى عريسها مع أهازيج الأنس وزغاريد الفرح.. الكل يردد:
بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير.. فنِعم العروس ونعم ذلك الوجه المشرق الذي يفيض بنور الطاعة وحلاوة المحبة.. دخل الزوج.. فإذا به يُبهر.. نور يشع.. وضوء يتلألأ.. فتاة أجمل من القمر كساها الله جمال الطاعة ونضارة المحبة وبهاء الصدق والإخلاص..
هنيئاً لك أيها الزوج امرأة عفيفة مؤمنة صالحة.. هنيئًا لكِ أيتها الزوجة ذلك القلب الذي أسلم لله عز وجل وتعبد له طاعة وقربة..
قاربت الساعة من الثانية عشر.. مسك الزوج بيد زوجه.. ركبا جميعًا في السيارة.. وتقوده كل المشاعر والأحاسيس المختلطة.. إحساس بالبهجة والفرح، مع ما تغمره من موجة قوية تنقض على أسوار قلبه بشدة.. يشعر بإحساس قوي يخبره بأن هناك أمرًا عظيمًا سيقع!
كأن نورًا شاركهم في الركوب.. فلم يرَ بهاء ولا نضارة كمثل هذه الزوجة.. هناك شي ما أسر قلبه وحبه.. يُشعره بأنه حاز الدنيا وما فيها..
اتجها العروسين إلى منزلهما.. أي منزل يضم قلباً كقلب تلك الفتاة! أي بيت يضم جسدًا كجسد تلك الفتاة؟! جسم يمشي على الأرض وروح تطوف حول العرش.. فهنيئا لذلك البيت.. وهنيئًا لذلك الزوج..
دخلا المنزل.. الخجل يلفّها والحياء يذيبها.. لم يطل الوقت.. دخلت غرفتها التي لطالما رسمت لها كل أحلامها.. كل سعادتها.. كل أمنياتها.. فمنها وبها ستكون الانطلاقة فهي مأوى لها ولحبيبها يصليان ويتهجدان معا.. هنا سيكون مصلاها.. مصحفها.. فكم ستبلل سجادتها ساكبة دموع الخشية والتقى.. كم ستهتز أرجاءها من دعواتها وقراءتها.. كم سيجملها عطر مسواكها الذي لا يفتر من ثغرها.. هكذا أمنيتها وأي أمنية كهذه!
التفتت.. انتقلت نظراتها السريعة بين أرجاء غرفتها.. رفعت بصرها.. فجأة شد انتباهها شي ما.. تسمّرت في مكانها.. كأن سهماً اخترق حناياها حين رأت ما في أحد زوايا غرفتها.. هل حقًا ما أرى.. ما هذا؟ أين أنا؟ كيف؟ لم؟ أين قولهم عنه؟ زاغت نظراتها.. تاهت أفكارها.. قلبت نظرتها المكذبة والمصدقة لما يحدث.. يا إلهي.. قدماها لم تعودا قادرتين على حملها.. أهو حقًا أم سرابًا! ها هو ( العود ) يتربّع في غرفتها.. يا إلهي.. إنه الغناء.. بل إنها آلة موسيقية.. قطع ذلك كل حبل أمنياتها التي رسمت لها في مخيلتها.. اغتمَّت لذلك غمًا.. لا.. أستغفر الله العظيم.. اختلست نظراتها إلى زوجها.. هيئته هي الإجابة الشافية! كان السكون مخيمًا على المكان.. يا إلهي لم أعد أحتمل.. أمسكت دمعة كادت أن تفلت من عقالها ثم هتفت بحسرة: الحمد لله على كل حال لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى.. أحنت رأسها وقد اضطرم وجهها خجلا وحزنًا.. استدارت إلى زوجها متحاشية النظر إلى ذلك.. مشت بخطى قد أثقلتها المخاوف وكبّلتها الشك! فلازمت الصمت وكتمت غيظها.. كان الصبر حليفها.. والحكمة مسلكها.. وحسن التبعل منهجها..
(... وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة:156]
وبعيدًا عن العاطفة أخذ يحدثها عقلها قائلا: مهلاً.. ورويدكِ أيتها العروس.. عليك بالصبر والحكمة وحسن التبعل لهذا الزوج مهما فعل ومهما كان.. فما يدريكِ لعل هدايته تكون بين يديك!! إذا صبرتي وكنتِ له أحسن زوجة؟!
تبادلا أطراف الحديث وهي تبادله بنظرات كسيرة منخفضة.. بادية عليها علامات الارتباك بين قسمات وجهها ما بين خجلها وحيائها وهول صدمتها وتأثرها.. مضى الوقت يتلكأ حتى أوشك الليل على الانتهاء..
دقت ساعة الثلث الأخير من الليل، حن الحبيب لحبيبه، فأرسل الله نعاسًا على الزوج، لم يستطع أمامه المقاومة، فغط في سبات عميق... لزمت الهدوء.. سمعت أنفاسه تنتظم.. إنه دليل مؤكد على نومه.. انزوت الزوجة عنه جانبًا واشتد بها الشوق إلى حبيبها.. هرعت لمصلاها.. وكأن روحها ترفرف إلى السماء..
يقول الزوج واصفًا لحالته: في تلك الليلة أحسست برغبة شديدة للنوم على الرغم من الرغبة في إكمال السهرة، إلا أن الله تعالى شاء وغلبني النوم رغمًا عني.. وسبحان الله تعالى ما سبق أن استغرقت في النوم وشعرت براحة إلا في تلك الليلة.. استغرقت في نومي.. تنبهت فجأة.. فتحت عيني.. لم أجد زوجتي بجانبي.. تلفت في أرجاء الغرفة.. لم أجدها.. نهضت أجر خطواتي.. وتشاركني العديد من الاستفهامات: ربما غلبها الحياء وفضلت النوم في مكان آخر.. هكذا خُيّل لي.. فتحت الباب.. سكون مطلق.. ظلام دامس يكسو المكان.. مشيت على أطراف أصابعي خشية استيقاظها.. فجأة.. ها هو وجهها يتلألأ في الظلام.. أوقفني روعة جمالها الذي ليس بجمال الجسد والمظهر.. إنها في مصلاها.. عجبًا منها.. لا تترك القيام حتى في ليلة زواجها! بقيت أرمق كل شيء من بعيد.. اقتربت منها.. ها هي راكعة ساجدة.. تطيل القراءة وتتبعها بركوع ثم سجود طويل.. واقفة أمام ربها.. رافعة يديها.... يا إلهي.. إنه أجمل منظر رأته عيناي.. إنها أجمل من صورتها بثياب زفافها.. جمال أسر عيناي وقلبي.. أحببتها حبًا كاملا ملك عليَّ كل كياني.. لحظات.. رفعت من سجودها ثم أتبعته سلام يمنة ويسرة.. عرفت زوجتي ما يدور في خلدي.. بادلتني بنظرات محبة وهي متلفعة بجلبابها، وهي مبتسمة ومجتهدة ألا تظهر شيئا ما يختلج في صدرها.. وهتفت في أذني وهي تعبث بالسجادة بأطراف أصابعها بيدها الأخرى: أحببت أن لا يشغلني شيء عن حبيبي (تقصد ربها تبارك وتعالى).
عجبت والله من هذا الكلام الذي لامس قلبي.. فلما سمعت ذلك منها لم أستطع والله أن أرفع بصري خجلا وذلة مما أنا فيه..
يواصل زوجها قائلا: على الرغم أنها ما زالت عروسًًا و تبلغ الثلاثة أشهر من زواجها بعد.. ولكن كعادتها، أنسها بين ثنايا الليل وفي غسق الدجى.. كنت في حينها في غاية البعد عن الله أقضي الليالي السهرات والطرب والغناء.. وكانت لي كأحسن زوجة، تعامل لطيف ونفس رقيقة ومشاعر دافئة.. تتفانى في خدمتي ورسم البسمة على شفتي وكأنها تقول لي بلسان حالها: ها أنا أقدم لك ما أستطيعه.. فما قدمت أنت لي؟!
لم تتفوّه بكلمة واحدة على الرغم من معرفتها ذلك.. تستقبلني مرحبة بأجمل عبارات الشوق.. وكأن الحبيب عائد من سفر سنوات وليس فراق ساعات.. أسرتني بحلاوة وطيب كلماتها وهدوء وحسن أخلاقها وتعاملها الطيب وحسن عشرتها.. أحببتها حبًا ملك عليَّ كل كياني وقلبي..
في إحدى الأيام.. عدت في ساعة متأخرة من الليل من إحدى سهراتي العابثة.. تلك الساعات التي ينزل فيها ربنا عز وجل فيقول: "هل من داعٍ فأستجيب له؟" وصلت إلى غرفتي.. لم أجد زوجتي.. خرجت.. أغلقت الباب بهدوء.. تحسست طريقي المظلم متحاشيًا التعثر.. آه..
كأني أسمع همسًا.. صوت يطرق مسامعي ويتردد صداه في عقلي.. أضأت المصباح الخافت.. تابعت بخطواتٍ خافتة.. فجأة.. صوت جميل لتلاوة القرآن الكريم لم أسمع مثله في حياتي! هزته تلاوتها للقرآن وترنمها بآياته.. يبدو أن هذا الصوت جاء من الغرفة المجاورة.. استدرتُ بوجل.. توجه نظري إلى مكان خال مظلم وكأن نورًا ينبعث منه ليرتفع إلى السماء.. تسمّرت نظراتي.. إنها يديها المرفوعتين للسماء.. تسلّلتُ ببطء.. اقتربت كثيرًا.. ها هو نسيم الليل المنعش يصافح وجهها.. حدّقتُ بها.. تلمّست دعاءها.. يا إلهي.. خصتني فيه قبل نفسها.. رفعت حاجتي قبل حاجتها.. تبسمت.. بكيت.. اختلطت مشاعري.. لمحت في عينيها بريقًا.. دققت النظر إليها.. فإذا هي الدموع تتدحرج على وجنتيها كحبات لؤلؤٍ انفلتت من عقدها.. بشهقات متقطعة تطلب من الله تعالى وتدعو لي بصوت عالٍ وقد أخذها الحزن كل مأخذ.. كانت تكرر نداءها لربها.. ثم تعود لبكائها من جديد.. نشيجها وبكاؤها قطّع نياط قلبي.. خفقات قلبي تنبض بشدة.. ارتعشت يداي..
تسمَّرت قدماي.. خنقتني العبرة.. رحماك يا الله.. رحماك.. رحماك..
أين أنا طوال هذه الأيام.. بل الشهور عن هذه الزوجة " الحنون ".. المعطاء.. الصابرة.. تعطيني كل ما أريد في النهار وإذا جن الليل غادرتُ البيت وتركتها وحيدة يعتصر الألم قلبها.. ثم إذا عدت من سهري وفسقي فإذا بها واقفة تدعو الله لي؟!
فشتان والله بين نفس تغالب النوم وتجاهدها لإرضاء الواحد القهار.. وبين نفس تغالب النوم وتجاهدها لمعصية الخالق العلام شتان بين قلوب تخفق بحب الرحمن وتتلذذ بلقائه والوقوف بين يديه.. وبين قلوب تخفق بحب المنكرات وتتلذذ بسماع الملهيات..
شتان بين وجوه مشرقة تجللهم الهيبة والوقار.. وبين وجوه كالحة ونفوس يائسة وصدور ضيقة..
شتان بين قلوب حية تمتلئ بحب الله وتنبض بالإيمان بالله.. وبين قلوب ميتة تمتلئ بعدم الخوف من الرحمن وعدم استشعار عظمته جل جلاله..
يقول الزوج: في تلك اللحظة العصيبة.. لم أملك إلا دمعة سقطت من عيني.. أحنيت رأسي بين ركبتيّ.. أجمع دمعاتي الملتهبة وكأنها غسلت جميع خطاياي.. كأنها أخرجت كل ما في قلبي من الفساد والنفاق.. ترقرقت عيناي بالدموع بعد أن كانت تشكو الجفاف والإعراض.. لا أدري هل هي حزنا وتأثرًا على حالي المشين وحالها أن ابتلاها الله بأمثالي.. أو فرحًا بحالي في هذا الموقف الذي إذا دلّ على شيء فإنما يدل على صلاحها والخير المؤصل في أعماقها.. ربّاه لقد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت! عجبًا لتلك المرأة.. ما دخلت المنزل إلا واستبشرَتْ وفرِحَت تقوم بخدمتي وتعمل على سعادتي ما زلت تحت تأثير سحر كلماتها وعلو أخلاقها.. ولا خرجت من المنزل إلا بكت وحزنت تدعو لي ضارعة إلى ربها.. ووالله وفي تلك اللحظة وكأنها أهدتني كنوز الدنيا أحببتها حباً كاملاً ملك عليَّ كل كياني وقلبي.. كل ضميري.. كل أحاسيسي ومشاعري..
وصدق من قال: جعل الإسلام الزوجة الصالحة للرجل أفضل ثروة يكتنزها من دنياه - بعد الإيمان بالله وتقواه - وعدها أحد أسباب السعادة..
لحظات يسيرة.. ودقائق معدودة.. نادى المنادي من جنبات بيوت الله.. حي على الصلاة حي على الفلاح..
انسللتُ – بعد ترددٍ - وصورتها الجميلة لا تزال تضيء لي الطريق..
صليت خلالها الفجر كما لم أصلِ مثل تلك الصلاة في حياتي..
أخذت ظلمات الليل في الانحسار.. ظهرت تباشير الصباح.. أشرقت الشمس شيئا فشيئا.. وأشرقت معها روح ونفس جديدة.
فكان هذا الموقف.. بداية الانطلاقة.. وعاد الزوج إلى رشده وصوابه.. واستغفر الله ورجع إليه تائباً منيباً بفضل الله ثم بفضل هذه " الزوجة الصالحة " التي دعته إلى التوبة والصلاح بفعلها لا بقولها.. وحسن تبعلها له.. حتى امتلكت قلبه وأخذت بلبّه بجميل خلقها ولطف تعاملها.. عندها ندم وشعر بالتقصير تجاه خالقه أولاً ثم تجاه زوجته التي لم تحرمه من عطفها وحنانها لحظة واحدة.. بينما هو حرمها الكثير!!
رجع الزوج رجوعًاً صادقًا إلى الله تعالى وأقبل على طلب العلم وحضر الدروس والمحاضرات.. وقراءة القرآن..
وبعد سنوات بسيطة.. وبتشجيع من تلك الزوجة المباركة.. حيث رؤى النور قد بدأ ينشر أجنحته في صفحة الأفق.. من محاضراته ودعواته ودروسه.. فأصبح من أكبر الدعاة في المدينة النبوية ولله الحمد..
وكان يقول ويردد في محاضراته عندما سُئل عن سبب هدايته: لي كل الفخر أني اهتديت على يد زوجتي ولي كل العز في ذلك..
وصدق رب العزة والجلالة: (...وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) [الطلاق:2-3]
(وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:72]
FROM ISLAMWAY.COM ......
حدثتني داعية من إحدى الداعيات إلى الله تعالى عن قصة واقعية مؤثرة حدثت في مدينتها الطاهرة؛ مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأكتب لكن هذه القصة – بتصرف - التي يجب أن نضعها أمام ناظرينا، وننقلها لتكون أمام أنظار الزوجات، والبنات، والأخوات؛ بل والأمهات ليكون في ذلك نشر للخير والفضيلة, ولتعرف الفتيات أن الجمال والسعادة ليست والله بالنقوش والزينة، ولا بحسن الملبس والمظهر، أو بكثرة المال والبنيان، أو بآخر موضة من الأزياء، أو بمتابعة آخر صرخة في عالم العطور وآخر قصة في عالم الشعر..
كما أن القصة تؤكد ذلك المعنى العظيم للرجال الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: "الدنيا متاع وخيرها المرأة الصالحة" [رواه الإمام مسلم]
أترككم الآن مع القصة مستعينة بالله تعالى:
إنها امرأة صالحة تقية نحسبها كذلك ولا نزكي على الله أحدًا. حبيبها الليل.. قلبها تعلق بمنازل الآخرة.. تقوم إذا جنّ الظلام.. لا تدع ذلك لا شتاء ولا صيفا.. طال الليل أم قصر.. لطالما سُمع خرير الماء في هدأة السحر على أثر وضوءها.. لم تفقد ذلك ليلة واحدة.... أنسها.. سعادتها.. في قيام الليل وقراءة كتاب الله.. في مناجاتها لربها.. تهجدها.. دعائها.. لم تدع صيام التطوع سواء كان حضرًا أم سفرًا.. أشرق وجهها بنور الطاعة.. ولذة الهداية..
(.... تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ...) [الفتح: 29]
جاء ذلك اليوم.. الذي وقع فيه قضاء الله تعالى من فوق سبع سماوات.. تقدم إليها من يطلب يدها.. قالوا محافظ.. مصلٍ.. وافقت على ذلك بعد الاستخارة والالتجاء إلى ربها.. وكان مما اعتاد عليه أهل مدينتها أن ليلة الفرح تبدأ في الساعة الثانية عشر ليلا وتنتهي مع أذان الفجر! لكن تلك الفتاة اشترطت في إقامة حفل زواجها: "بأن لا تدق الساعة الثانية عشر إلا وهي في منزل زوجها". ولا يعرف سر ذلك إلا والدتها.. الكل يتساءل.. تدور حولهم علامات الاستفهام والتعجب من تلك الفتاة!! حاول أهلها تغيير رأيها فهذه ليلة فرحها التي لا تتكرر وقبل هذا يجب مجاراة عادات وتقاليد أهل بلدتها.. لكنها أصرت على ذلك كثيرا هاتفة: إذا لم تلبوا الطلب، فلن أقيم حفل زفاف! فوافق الأهل على مضض..
(... وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ..) [البقرة:216]
مرت الشهور والأيام.. تم تحديد موعد الزواج.. وتلك الفتاة ما زادت إلا إيمانا وتقوى، تناجي ربها في ظلمات الليل البهيم.. أنسها وسعادتها كله في الوقوف بين يدي الله.. لذة الأوقات وبهجتها في ذلك الوقت، الذي تهبّ فيه نسمات الثلث الأخير، لتصافح كفيها المخضبتين بالدموع.. لتنطلق دعوات صادقة بالغة عنان السماء.. طالبة التوفيق من الله تعالى..
توالت الأيام.. وذات مساء جميل.. كان القمر بدرًا.. دقت ساعة المنبه معلنة عن تمام الساعة التاسعة مساء.. انتشر العبير ليعطّر الأجواء.. بدأت أصوات الزغاريد وضاربات الدفوف ترتفع.. زفت العروس إلى عريسها مع أهازيج الأنس وزغاريد الفرح.. الكل يردد:
بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير.. فنِعم العروس ونعم ذلك الوجه المشرق الذي يفيض بنور الطاعة وحلاوة المحبة.. دخل الزوج.. فإذا به يُبهر.. نور يشع.. وضوء يتلألأ.. فتاة أجمل من القمر كساها الله جمال الطاعة ونضارة المحبة وبهاء الصدق والإخلاص..
هنيئاً لك أيها الزوج امرأة عفيفة مؤمنة صالحة.. هنيئًا لكِ أيتها الزوجة ذلك القلب الذي أسلم لله عز وجل وتعبد له طاعة وقربة..
قاربت الساعة من الثانية عشر.. مسك الزوج بيد زوجه.. ركبا جميعًا في السيارة.. وتقوده كل المشاعر والأحاسيس المختلطة.. إحساس بالبهجة والفرح، مع ما تغمره من موجة قوية تنقض على أسوار قلبه بشدة.. يشعر بإحساس قوي يخبره بأن هناك أمرًا عظيمًا سيقع!
كأن نورًا شاركهم في الركوب.. فلم يرَ بهاء ولا نضارة كمثل هذه الزوجة.. هناك شي ما أسر قلبه وحبه.. يُشعره بأنه حاز الدنيا وما فيها..
اتجها العروسين إلى منزلهما.. أي منزل يضم قلباً كقلب تلك الفتاة! أي بيت يضم جسدًا كجسد تلك الفتاة؟! جسم يمشي على الأرض وروح تطوف حول العرش.. فهنيئا لذلك البيت.. وهنيئًا لذلك الزوج..
دخلا المنزل.. الخجل يلفّها والحياء يذيبها.. لم يطل الوقت.. دخلت غرفتها التي لطالما رسمت لها كل أحلامها.. كل سعادتها.. كل أمنياتها.. فمنها وبها ستكون الانطلاقة فهي مأوى لها ولحبيبها يصليان ويتهجدان معا.. هنا سيكون مصلاها.. مصحفها.. فكم ستبلل سجادتها ساكبة دموع الخشية والتقى.. كم ستهتز أرجاءها من دعواتها وقراءتها.. كم سيجملها عطر مسواكها الذي لا يفتر من ثغرها.. هكذا أمنيتها وأي أمنية كهذه!
التفتت.. انتقلت نظراتها السريعة بين أرجاء غرفتها.. رفعت بصرها.. فجأة شد انتباهها شي ما.. تسمّرت في مكانها.. كأن سهماً اخترق حناياها حين رأت ما في أحد زوايا غرفتها.. هل حقًا ما أرى.. ما هذا؟ أين أنا؟ كيف؟ لم؟ أين قولهم عنه؟ زاغت نظراتها.. تاهت أفكارها.. قلبت نظرتها المكذبة والمصدقة لما يحدث.. يا إلهي.. قدماها لم تعودا قادرتين على حملها.. أهو حقًا أم سرابًا! ها هو ( العود ) يتربّع في غرفتها.. يا إلهي.. إنه الغناء.. بل إنها آلة موسيقية.. قطع ذلك كل حبل أمنياتها التي رسمت لها في مخيلتها.. اغتمَّت لذلك غمًا.. لا.. أستغفر الله العظيم.. اختلست نظراتها إلى زوجها.. هيئته هي الإجابة الشافية! كان السكون مخيمًا على المكان.. يا إلهي لم أعد أحتمل.. أمسكت دمعة كادت أن تفلت من عقالها ثم هتفت بحسرة: الحمد لله على كل حال لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى.. أحنت رأسها وقد اضطرم وجهها خجلا وحزنًا.. استدارت إلى زوجها متحاشية النظر إلى ذلك.. مشت بخطى قد أثقلتها المخاوف وكبّلتها الشك! فلازمت الصمت وكتمت غيظها.. كان الصبر حليفها.. والحكمة مسلكها.. وحسن التبعل منهجها..
(... وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة:156]
وبعيدًا عن العاطفة أخذ يحدثها عقلها قائلا: مهلاً.. ورويدكِ أيتها العروس.. عليك بالصبر والحكمة وحسن التبعل لهذا الزوج مهما فعل ومهما كان.. فما يدريكِ لعل هدايته تكون بين يديك!! إذا صبرتي وكنتِ له أحسن زوجة؟!
تبادلا أطراف الحديث وهي تبادله بنظرات كسيرة منخفضة.. بادية عليها علامات الارتباك بين قسمات وجهها ما بين خجلها وحيائها وهول صدمتها وتأثرها.. مضى الوقت يتلكأ حتى أوشك الليل على الانتهاء..
دقت ساعة الثلث الأخير من الليل، حن الحبيب لحبيبه، فأرسل الله نعاسًا على الزوج، لم يستطع أمامه المقاومة، فغط في سبات عميق... لزمت الهدوء.. سمعت أنفاسه تنتظم.. إنه دليل مؤكد على نومه.. انزوت الزوجة عنه جانبًا واشتد بها الشوق إلى حبيبها.. هرعت لمصلاها.. وكأن روحها ترفرف إلى السماء..
يقول الزوج واصفًا لحالته: في تلك الليلة أحسست برغبة شديدة للنوم على الرغم من الرغبة في إكمال السهرة، إلا أن الله تعالى شاء وغلبني النوم رغمًا عني.. وسبحان الله تعالى ما سبق أن استغرقت في النوم وشعرت براحة إلا في تلك الليلة.. استغرقت في نومي.. تنبهت فجأة.. فتحت عيني.. لم أجد زوجتي بجانبي.. تلفت في أرجاء الغرفة.. لم أجدها.. نهضت أجر خطواتي.. وتشاركني العديد من الاستفهامات: ربما غلبها الحياء وفضلت النوم في مكان آخر.. هكذا خُيّل لي.. فتحت الباب.. سكون مطلق.. ظلام دامس يكسو المكان.. مشيت على أطراف أصابعي خشية استيقاظها.. فجأة.. ها هو وجهها يتلألأ في الظلام.. أوقفني روعة جمالها الذي ليس بجمال الجسد والمظهر.. إنها في مصلاها.. عجبًا منها.. لا تترك القيام حتى في ليلة زواجها! بقيت أرمق كل شيء من بعيد.. اقتربت منها.. ها هي راكعة ساجدة.. تطيل القراءة وتتبعها بركوع ثم سجود طويل.. واقفة أمام ربها.. رافعة يديها.... يا إلهي.. إنه أجمل منظر رأته عيناي.. إنها أجمل من صورتها بثياب زفافها.. جمال أسر عيناي وقلبي.. أحببتها حبًا كاملا ملك عليَّ كل كياني.. لحظات.. رفعت من سجودها ثم أتبعته سلام يمنة ويسرة.. عرفت زوجتي ما يدور في خلدي.. بادلتني بنظرات محبة وهي متلفعة بجلبابها، وهي مبتسمة ومجتهدة ألا تظهر شيئا ما يختلج في صدرها.. وهتفت في أذني وهي تعبث بالسجادة بأطراف أصابعها بيدها الأخرى: أحببت أن لا يشغلني شيء عن حبيبي (تقصد ربها تبارك وتعالى).
عجبت والله من هذا الكلام الذي لامس قلبي.. فلما سمعت ذلك منها لم أستطع والله أن أرفع بصري خجلا وذلة مما أنا فيه..
يواصل زوجها قائلا: على الرغم أنها ما زالت عروسًًا و تبلغ الثلاثة أشهر من زواجها بعد.. ولكن كعادتها، أنسها بين ثنايا الليل وفي غسق الدجى.. كنت في حينها في غاية البعد عن الله أقضي الليالي السهرات والطرب والغناء.. وكانت لي كأحسن زوجة، تعامل لطيف ونفس رقيقة ومشاعر دافئة.. تتفانى في خدمتي ورسم البسمة على شفتي وكأنها تقول لي بلسان حالها: ها أنا أقدم لك ما أستطيعه.. فما قدمت أنت لي؟!
لم تتفوّه بكلمة واحدة على الرغم من معرفتها ذلك.. تستقبلني مرحبة بأجمل عبارات الشوق.. وكأن الحبيب عائد من سفر سنوات وليس فراق ساعات.. أسرتني بحلاوة وطيب كلماتها وهدوء وحسن أخلاقها وتعاملها الطيب وحسن عشرتها.. أحببتها حبًا ملك عليَّ كل كياني وقلبي..
في إحدى الأيام.. عدت في ساعة متأخرة من الليل من إحدى سهراتي العابثة.. تلك الساعات التي ينزل فيها ربنا عز وجل فيقول: "هل من داعٍ فأستجيب له؟" وصلت إلى غرفتي.. لم أجد زوجتي.. خرجت.. أغلقت الباب بهدوء.. تحسست طريقي المظلم متحاشيًا التعثر.. آه..
كأني أسمع همسًا.. صوت يطرق مسامعي ويتردد صداه في عقلي.. أضأت المصباح الخافت.. تابعت بخطواتٍ خافتة.. فجأة.. صوت جميل لتلاوة القرآن الكريم لم أسمع مثله في حياتي! هزته تلاوتها للقرآن وترنمها بآياته.. يبدو أن هذا الصوت جاء من الغرفة المجاورة.. استدرتُ بوجل.. توجه نظري إلى مكان خال مظلم وكأن نورًا ينبعث منه ليرتفع إلى السماء.. تسمّرت نظراتي.. إنها يديها المرفوعتين للسماء.. تسلّلتُ ببطء.. اقتربت كثيرًا.. ها هو نسيم الليل المنعش يصافح وجهها.. حدّقتُ بها.. تلمّست دعاءها.. يا إلهي.. خصتني فيه قبل نفسها.. رفعت حاجتي قبل حاجتها.. تبسمت.. بكيت.. اختلطت مشاعري.. لمحت في عينيها بريقًا.. دققت النظر إليها.. فإذا هي الدموع تتدحرج على وجنتيها كحبات لؤلؤٍ انفلتت من عقدها.. بشهقات متقطعة تطلب من الله تعالى وتدعو لي بصوت عالٍ وقد أخذها الحزن كل مأخذ.. كانت تكرر نداءها لربها.. ثم تعود لبكائها من جديد.. نشيجها وبكاؤها قطّع نياط قلبي.. خفقات قلبي تنبض بشدة.. ارتعشت يداي..
تسمَّرت قدماي.. خنقتني العبرة.. رحماك يا الله.. رحماك.. رحماك..
أين أنا طوال هذه الأيام.. بل الشهور عن هذه الزوجة " الحنون ".. المعطاء.. الصابرة.. تعطيني كل ما أريد في النهار وإذا جن الليل غادرتُ البيت وتركتها وحيدة يعتصر الألم قلبها.. ثم إذا عدت من سهري وفسقي فإذا بها واقفة تدعو الله لي؟!
فشتان والله بين نفس تغالب النوم وتجاهدها لإرضاء الواحد القهار.. وبين نفس تغالب النوم وتجاهدها لمعصية الخالق العلام شتان بين قلوب تخفق بحب الرحمن وتتلذذ بلقائه والوقوف بين يديه.. وبين قلوب تخفق بحب المنكرات وتتلذذ بسماع الملهيات..
شتان بين وجوه مشرقة تجللهم الهيبة والوقار.. وبين وجوه كالحة ونفوس يائسة وصدور ضيقة..
شتان بين قلوب حية تمتلئ بحب الله وتنبض بالإيمان بالله.. وبين قلوب ميتة تمتلئ بعدم الخوف من الرحمن وعدم استشعار عظمته جل جلاله..
يقول الزوج: في تلك اللحظة العصيبة.. لم أملك إلا دمعة سقطت من عيني.. أحنيت رأسي بين ركبتيّ.. أجمع دمعاتي الملتهبة وكأنها غسلت جميع خطاياي.. كأنها أخرجت كل ما في قلبي من الفساد والنفاق.. ترقرقت عيناي بالدموع بعد أن كانت تشكو الجفاف والإعراض.. لا أدري هل هي حزنا وتأثرًا على حالي المشين وحالها أن ابتلاها الله بأمثالي.. أو فرحًا بحالي في هذا الموقف الذي إذا دلّ على شيء فإنما يدل على صلاحها والخير المؤصل في أعماقها.. ربّاه لقد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت! عجبًا لتلك المرأة.. ما دخلت المنزل إلا واستبشرَتْ وفرِحَت تقوم بخدمتي وتعمل على سعادتي ما زلت تحت تأثير سحر كلماتها وعلو أخلاقها.. ولا خرجت من المنزل إلا بكت وحزنت تدعو لي ضارعة إلى ربها.. ووالله وفي تلك اللحظة وكأنها أهدتني كنوز الدنيا أحببتها حباً كاملاً ملك عليَّ كل كياني وقلبي.. كل ضميري.. كل أحاسيسي ومشاعري..
وصدق من قال: جعل الإسلام الزوجة الصالحة للرجل أفضل ثروة يكتنزها من دنياه - بعد الإيمان بالله وتقواه - وعدها أحد أسباب السعادة..
لحظات يسيرة.. ودقائق معدودة.. نادى المنادي من جنبات بيوت الله.. حي على الصلاة حي على الفلاح..
انسللتُ – بعد ترددٍ - وصورتها الجميلة لا تزال تضيء لي الطريق..
صليت خلالها الفجر كما لم أصلِ مثل تلك الصلاة في حياتي..
أخذت ظلمات الليل في الانحسار.. ظهرت تباشير الصباح.. أشرقت الشمس شيئا فشيئا.. وأشرقت معها روح ونفس جديدة.
فكان هذا الموقف.. بداية الانطلاقة.. وعاد الزوج إلى رشده وصوابه.. واستغفر الله ورجع إليه تائباً منيباً بفضل الله ثم بفضل هذه " الزوجة الصالحة " التي دعته إلى التوبة والصلاح بفعلها لا بقولها.. وحسن تبعلها له.. حتى امتلكت قلبه وأخذت بلبّه بجميل خلقها ولطف تعاملها.. عندها ندم وشعر بالتقصير تجاه خالقه أولاً ثم تجاه زوجته التي لم تحرمه من عطفها وحنانها لحظة واحدة.. بينما هو حرمها الكثير!!
رجع الزوج رجوعًاً صادقًا إلى الله تعالى وأقبل على طلب العلم وحضر الدروس والمحاضرات.. وقراءة القرآن..
وبعد سنوات بسيطة.. وبتشجيع من تلك الزوجة المباركة.. حيث رؤى النور قد بدأ ينشر أجنحته في صفحة الأفق.. من محاضراته ودعواته ودروسه.. فأصبح من أكبر الدعاة في المدينة النبوية ولله الحمد..
وكان يقول ويردد في محاضراته عندما سُئل عن سبب هدايته: لي كل الفخر أني اهتديت على يد زوجتي ولي كل العز في ذلك..
وصدق رب العزة والجلالة: (...وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) [الطلاق:2-3]
(وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة:72]
The name of God the Merciful
This story was told by advocate female preachers its a true story took place in the city of Allah's prophet, peace and blessings be upon him.
We need to put this story before us, and to be before the eyes of the wives, daughters, and the sisters; including mothers to be the dissemination of good and virtue, so the girls know that beauty and happiness is not formidable and decorations, not in good clothing and appearance, or rampant money and architecture, or another fashion uniforms, or follow the latest world's perfumes or the latest story in the world of poetry
الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " الدنيا متاع وخيرها المرأة الصالحة
The story emphasizes the meaning of the great men, who the Prophet peace and blessings be upon him, said about: " the Donia "life" is enjoyment and best of enjoyment is a good piou woman"
IF SOME ONE CAN TRANSLATE THIS HADITH IN BETTER WAY PLEASE DO
I leave you now with the story,
[COLOR="DarkRed"]She is a good righteous lady and we pray she is , her love is the nights, her heart attached to afterlife , she prays when darkness and nights come
she Do not let this habit in winter or summer. if it was a long night or short
you always hear the water running in the middle of the night when she make the wadu , she never stopped doing this one night ... her happiness in reading the book of Allah ( Quran ) in the middle of the night, In praying to her lord and making dua, in her thajud. She never forgot volunteer fasting even if she was traveling her face Brightened with the light noor of obedience to her god and his guidance[/COLOR]
you will see them bowing down, prostrating themselves, seeking grace from Allah and pleasure their marks are in their faces because of the effect of prostration; Victory ,Conquest : 048.029
and the day occurred when Allah's order came from above seven skies, and some one asked her for marriage, they said about him he is, a good guy, he prays.... she agreed and approved after she prayed salaat Istikhara and asked Allah for his guidance As its a tradition by the people of that city on the wedding night begin @ twelve midnight and ends with the dawn light!
But the girl stipulated in a marriage ceremony: "that she be in her husband home by the midnight 12.00 and nobody knows the secret behind this condition except her mother, everyone wonders! With questions revolve around them and exclamation of this girl!
her family and people tried to change her view on the night of her marriage, which is doesn’t not repeat and that she should keep the customs and traditions of the people of her hometown.
But she insisted that by saying: If don’t follow my demand, we will not held a wedding ceremony! Parents started reluctantly, so every one agreed...even though they weren’t happy
(... وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ..) [البقرة:216]
(and it may be that you dislike a thing while it is good for you)[cow] :216
Through the months and days a deadline of marriage day decided the girl increased and strengthens her belief, by chanting and praying in the darkness of the night to her lord (Allah).
Her enjoyment and happiness is in standing between the hands of her God
the delight of the time and excitement at the time, in last third of the night, when her cheek drop tears to her God. that when she start very sincere duaa to her lord asking her God the happiness .
And the day passed and with a beautiful evening...The moon was full.
the clock horned, announcing sharp nine p.m... sound of joy and typists Tambourines rise. And finally bride and groom meet, with trills of joy. Everyone repeating:
بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير..
God bless you both and upon you and gather between in with goodness
( that what we say when people get married)
A beautiful bride her face full of bright light of obedience and love. her husband came in and he was surprised with Nour (light) shine and spangles light. Most beautiful girl, God gave her beauty of obedience and freshness of love and the splendor of honesty and sincerity. You are a lucky husband Allah gave you a pure woman.a wife who surrender her heart to God Almighty and worship him with obedience and closeness.
Almost at the twelve pm, the husband hold his wife's hand and left in the car., he led by feelings and mixed emotions, with sense of joy and happiness swamped by the wave of strong pounced on the walls of his heart strongly, he has a strong sense that there will be great thing will happen! He felt like there is some kind of blessings and noor accompany them into he car he did not see the splendor and freshness like this wife he feels like he possesses the whole world.
The Bride and groom headed home. What kinds of a house can have a heart like the heart of this girl! What kind of a house includes body like the body that girl? A body walking on the ground and the spirit caravans round on the throne. Let us therefore congratulate this House.
They entered the house...Shyness enveloped her with modesty. She entered her room, which she dreamed about. All her happiness all her wishes, will go out from this room where she and her husband will pray together day and nights making tahjud in the middle of the night to their lord Allah. . Here will be her Muslah (a certain place where she will pray). ا..Quran. . How many time she will wet the place with her tears in Sjadha the place will fell with her fragrances of her Duaa and prayer to Allah s.w.t
that her wish. She moved her eyes throughout her room quickly..Rose her eyesight.
Suddenly she her eye saw something she became riveted in her place, like an arrow went through her heart when she saw in one corner of the room..Is that real what I am looking at, or I think..What is this? Where am I? How? No? Where what they told me about him. she was lost in her thoughts she couldn’t believe what she was looking at, Oh God, her feet no longer can carry her...Is it true or its a mirage!!?
here is a Guitar hanging in her room...?oh my God its a music machine. She lost all the wishes she build in her imagination about her life with her husband...she became so sad, she took a look at her husband. his character was her answer. The stillness and silence hung over the place..... Oh God I cant take it any more ...she gripped her tears which almost escaped from her eyes, painfully she praised and thanked Allah, in this case and every case he knows the unknown, she mercilessly bend her head and walked avoiding her husband look at her, she walked with fears and doubts she kept her silence and her anger. The patience was her ally...and the wisdom her path and a good wife was her course
(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة:156]
(Who, when a misfortune befalls them, say: Surely we are Allah's and to Him we shall surely return.)002.156
And away from the emotion her brain started talking to her: hold on bride, follow the patience, wisdom and be a good wife to this husband no matter what he did, You never know may be his guidance be on your hands!!!
If you be patient and be the best wife for him! they exchanged talk and outlooks and she looked at him with shyness with signs of confusion on her face, between the excessive modesty, and the horror and shock visible on her, the time passed till the night was almost over.
The clock rang announcing the last third of the night, God sent sleepiness on her husband, he could not resist, so he fell in deep sleep.. She stayed calm, she heard his breath organized, this is a firm evidence that he is a sleep she went on a side intensified by the longing love she rushed to her Muslaha (place where she pray) her sprit fluttering in the sky.
The husband says, describing his situation: that night I felt a strong desire to sleep in spite of the desire to complete the evening, only God Almighty God made me sleep against my well, and subhan Allah (Praised be God the Almighty)
I never felt rest in my sleep only in that night. I lasted in my sleep and suddenly I woke up opened eyes I cannot find my wife beside me looked around the room. Couldn’t find her, I stood up walking thinking maybe she been overcome with modesty and shy and preferred to sleep in another place...so i imagined...I opened the room door an absolute silence and total darkness are the place. I walked on my slowly fearing to wake her up... and Suddenly her face spangles with beauty and noor in the darkness, magnificence of beauty stopped me.. not the beauty of the body or appearance ..It was her prayer in her Muslaha...I wondered she didn’t even leave the Qiyam (praying at night) even the night of her wedding? I remained looking at her from a far, then I approached while she was praying, prolonging her reading and her sajedah..Standing in front of her GOD, raising her hand with Duaa, Oh GOD, it’s the most beautiful sight I saw in my life...
She is still in her wedding clothes, I loved it so much it fill my eyes and heart and these moments fully owned me...
Moments later she rose from her sajood, and followed by salaam on her right and left, my wife knew what was going on my mind, she exchanged the looks with me while she is in her Jelbab (her head scarf) smiling and trying hard not to what’s in her mind, she whisper in my ear while she is playing her prayer mat and said: I didn’t wanted anything get my busy from my beloved (meaning substantiated, the Almighty Allah s.w.t).
I was amazed for her words, which touched my heart, so when I heard her words I swear by God I couldn’t raise my eyes from shame of my self, and my character.
Her husband continue saying: Although she was still a bride of 3 month, But as usual she find her happiness at nights in the twilight shadows... At that time I was very far from Allah s.w.t I use to spend my evening and nights singing and music with my friends, and she was a best wife to me, she use to deal with me with warm feelings, dedicated to help me and put smile on my face, as if she was saying to me: Here I am trying to offer you the best I can ...What did you offer me so far?
She never spite a word even though she have the knowledge of all what I am doing, she always meet me with best words, and warmest expression, like we been divided for years not just for couple of hours. She captured me with sweetness and goodness of her words, with her calmness and good morals and good treatment and relations with me. I loved her with all my heart and all of my entities
One of the days I arrived late from one of my parties, at the hour when God almighty descends on the skies and say: is there is any one asking making dua so I answer them?
I went to my room, I didn’t find my wife, I closed the door quietly I find my way in the dark path avoiding to make any noise, Uh its like I hear whispers, a voice knocked my ears and reverberate in my mind... I turned on the light and followed by quiet steps, and suddenly I a beautiful voice of recitation of Quran a voice I never heard a beautiful voice in my life, it shocked me it seems that this voice came from the next room.
My eyes guided me to a dark room, it was like emitted light is rising from this dark room to the sky, I became riveted in my place, she raised her hand in the sky, I crept slowly, and went closer,... Here is a refreshing breeze of the night greeting her face, I kept watching and listening to her Duaa and felt her Duaa: Oh God she asking for me before she ask for her self, she rose my need to Allah before she hers, I cried, smiled, mixed feelings, I glimpsed in her eyes glimmer, It was her tears rolled down as pearl on her cheek, she is crying to Allah intermittent requesting and making duaa for me with loud voice while sadness taken her all over her voice, she repeated her calls and duaa to Allah then return to her crying again .... her voice and crying cutting my heart in parts, my heart started beating strongly my hands started trembling, I became riveted in my place.
Saying to him self, I learned my lesson Your mercy Oh Allah, Your mercy.... where I have been all over these days but the months from this wife, who been giving me with patience, give me what I want during the day and at night when I leave and leave her alone with pain gripped her heart, and when I come back from my party and bad deeds, she is standing praying for me...
What a big difference between a soul avoiding sleep to satisfy and pray to her Almighty god, and between a soul avoiding the sleep to disobey his creator.....a big difference between a heart beating with love to the merciful Rahman, to meet him and stand in front of him... and a heart beating in love of music and sins... There is a great difference between the faces full of bright covered with prestige and dignity, and faces full of darkness and desperate hearts and narrow chest.
a great difference between hearts filled with love of God Almighty and vibrant with faith in Allah, .. and between dead hearts are filled with no fear of the Rahman and don’t feel his greatness and his majesty.
The husband says : at that difficult moment. I couldn’t hold my tears falling from eyes, i lowered my head between my knees gathering my tears which I feel washed all my bad deeds and sins as If it removed everything in the heart of the corruption and hypocrisy. . My eyes fell with tears after they had been complaining of drought and symptoms.
I didn’t know these tears were affected by the current shameful condition that or because Allah have given her some one like me. or these tears of joy in this position which if it shows anything, it shows goodness deep inside her heart.
I wonder for this woman I never entered the home except she welcomed me with her happy words and pleased I am still under the influence of the magic words and high morals.
and I never left my house except she stood praying for me and asking guidance for me, that moment was like she gave me the treasures of the universe and I loved her with all my heart and every emotion and feelings.
وصدق من قال: جعل الإسلام الزوجة الصالحة للرجل أفضل ثروة يكتنزها من دنياه - بعد الإيمان بالله وتقواه - وعدها أحد أسباب السعادة..
Its true who said : Islam make good rightous wife for a man the best wealth he can have from this life ( doniah) after faith in God and the consider it as one of the causes of happiness.
Moments later the fajr Azan was called, I slipped a way quietly and her beautiful image still lighting my way to the mosque I prayed the fajr, like I never prayed a prayer like it before in my life. The morning light emerged, the sun has risen slowly and a new soul and spirit has brightened with it.
This position and moments were the good start, and the husband returned to his senses and admitted to Allah asking his forgiveness repenting to Allah by his grace and then with the good wife who invited him to repentance and righteousness by her action not by her words, with her good action to her husband, she owned his heart with her good and sweet treatments.
So he felt his negligence towards the creator and towards his wife, who didn’t deprive him from her compassion for one moment while he left her alone a lot of times.
The husband returned to Allah s.w.t and started attending the lectures and lesson and started reading the Quran
After few years, and with his wife encouragement, the light and noor begun to spread its wings in the horizon, with his lectures and lessons
and he became one of the good well known daii in the city of the prophet peace be up on him and all the thanks to Allah
He says that in his lectures when asked the reason for his Hid’yah (Guidance): I have all the pride that my Hid’yah (Guidance) was on the
hands of my wife and I am proud of it.
wa salaam alikom
