الألباني-الصلاة بعد العصر 

Mabsoot

Amir
Staff member
اسلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الألباني(ما اشتهر في كتب الفقه من المنع عن الصلاة بعد العصر مطلقا..مخالف لصريح هذين الحديثين)(فلا تكن ممن تغره الكثرة إذا كانت خلاف السنة )
أدلة سنة العصر البعدية

(الألباني : نذكر أهل السنة الحريصين على إحياء السنن و إماتة البدع

أن يصلوا هاتين الركعتين ..

لقوله صلى الله عليه وسلم : " من سن في الإسلام سنة حسنة .. " )

ــــــــــــــــــــــ

عن عائشة - رضي الله عنها - ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم :

( كان لا يدع ركعتين قبل الفجر ، وركعتين بعد العصر )

صحيح . الصحيحة برقم ( 2920 )

قال محدث عصره فضيلة الشيخ الألباني - رحمه الله - :

هذا و قد روى ابن أبي شيبة عن جماعة من السلف أنهم كانوا يصلون هاتين الركعتين بعد العصر

منهم أبو بردة بن أبي موسى و أبو الشعثاء و عمرو بن ميمون و الأسود ابن يزيد و أبو وائل

رواه بالسند الصحيح عنهم

و منهم محمد بن المنتشر و مسروق كما تقدم آنفا


و أما ضرب عمر من يصليهما

فهو من اجتهاداته القائمة على باب سد الذريعة

كما يشعر بذلك روايتان ذكرهما الحافظ في " الفتح " ( 2 / 65 ) :

إحداهما في " مصنف عبد الرزاق " ( 2 / 431 - 432 )

و " مسند أحمد " ( 4 / 155 )

و الطبراني ( 5 / 260 )

و حسنه الهيثمي ( 2 / 223 )

و الأخرى عند أحمد ( 4 / 102 ) أيضا

و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 /58 - 59 )

و " الأوسط " ( 8848 - بترقيمي )


و قد وقفت على رواية ثالثة تشد من عضدهما

و هي من رواية إسرائيل عن المقدام ابن شريح عن أبيه قال :

سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يصلي ?

[ قالت : ] " كان يصلي الهجير ثم يصلي بعدها ركعتين

ثم يصلي العصر ثم يصلي بعدها ركعتين

فقلت : فقد كان [ عمر ] يضرب عليهما و ينهى عنهما ?

فقالت : قد كان عمر يصليهما , و قد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ كان ] يصليهما

و لكن قومك أهل الدين قوم طغام , يصلون الظهر , ثم يصلون ما بين الظهر و العصر

و يصلون العصر ثم يصلون بين العصر و المغرب

فضربهم عمر , و قد أحسن "

أخرجه أبو العباس السراج في " مسنده " ( ق 132 / 1 )


قلت :

و إسناده صحيح

و هو شاهد قوي للأثرين المشار إليهما آنفا

و هو نص صريح أن نهي عمر رضي الله عنه عن الركعتين ليس لذاتهما كما يتوهم الكثيرون

و إنما هو خشية الاستمرار في الصلاة بعدهما , أو تأخيرهما إلى وقت الكراهة و هو اصفرار الشمس

و هذا الوقت هو المراد بالنهي عن الصلاة بعد العصر الذي صح في أحاديث

كما سبق بيانه تحت الحديثين المتقدمين برقم ( 200 و 314 )


و يتلخص مما سبق

أن الركعتين بعد العصر سنة إذا صُلِّيت العصر معها قبل اصفرار الشمس

و أن ضرب عمر عليها إنما هو اجتهاد منه وافقه عليه بعض الصحابة , و خالفه آخرون

و على رأسهم أم المؤمنين رضي الله عنها

و لكل من الفريقين موافقون

فوجب الرجوع إلى السنة , و هي ثابتة صحيحة برواية أم المؤمنين

دون دليل يعارضه إلا العموم المخصص بحديث علي و أنس المشار إلى أرقامهما آنفا


و يبدو أن هذا هو مذهب ابن عمر أيضا

فقد روى البخاري ( 589 ) عنه قال :

" أصلي كما رأيت أصحابي يصلون

لا أنهى أحدا يصلي بليل و لا نهار ما شاء , غير أن لا تحروا طلوع الشمس و لا غروبها "


و هذا مذهب أبي أيوب الأنصاري أيضا

فقد روى عبد الرزاق عنه ( 2 / 433 ) بسند صحيح عن ابن طاووس عن أبيه :

أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر ركعتين بعد العصر

فلما استخلف عمر تركهما , فلما توفي ركعهما

فقيل له : ما هذا ?

فقال : إن عمر كان يضرب الناس عليهما

قال ابن طاووس : و كان أبي لا يدعهما


و هنا ينبغي أن نذكر أهل السنة الحريصين على إحياء السنن و إماتة البدع

أن يصلوا هاتين الركعتين كلما صلوا العصر في وقتها المشروع

لقوله صلى الله عليه وسلم : " من سن في الإسلام سنة حسنة .. "

و بالله التوفيق

ـــــــــــــــــــــــ


عن علي – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم :

(1) ( نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة )

صحيح . الصحيحة برقم ( 200 )


وعنه – رضي الله عنه - :

(2) ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين في دُبر كل صلاة مكتوبة ؛ إلا الفجر والعصر )

صحيح . الصحيحة ( 1/ 389 )


قال فضيلته - رحمه الله - :

و هذا ( أي : الحديث الثاني ) لا يخالف الحديث الأول إطلاقا

لأنه إنما ينفي أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد صلاة العصر

و الحديث الأول لا يثبت ذلك حتى يعارض بهذا


و غاية ما فيه

أنه يدل على جواز الصلاة بعد العصر إلى ما قبل اصفرار الشمس

و ليس يلزم

أن يفعل النبي صلى الله عليه وسلم كل ما أثبت جوازه بالدليل الشرعي كما هو ظاهر


نعم

قد ثبت عن أم سلمة و عائشة رضي الله عنهما

أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين سنة الظهر البعدية بعد صلاة العصر

و قالت عائشة : إنه صلى الله عليه وسلم داوم عليها بعد ذلك

فهذا يعارض حديث علي الثاني

و الجمع بينهما سهل

فكلٌ حدَّث بما علم , و من علم حجة على من لم يعلم

و يظهر أن عليا رضي الله عنه علم فيما بعد من بعض الصحابة ما نفاه في هذا الحديث

فقد ثبت عنه صلاته صلى الله عليه وسلم بعد العصر

و ذلك قول البيهقي :

" و أما الذي يوافقه ففيما أخبرنا ... "

ثم ساق من طريق شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال :

" كنا مع علي - رضي الله عنه - في سفر فصلى بنا العصر ركعتين

ثم دخل فسطاطه و أنا أنظر , فصلى ركعتين "

ففي هذا أن عليا رضي الله عنه عمل بما دل عليه حديثه الأول من الجواز


و روى ابن حزم ( 3 / 4 ) عن بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

" لم ينه عن الصلاة إلا عند غروب الشمس "

قلت :

و إسناده صحيح , و هو شاهد قوي لحديث علي رضي الله عنه


و أما الركعتان بعد العصر

فقد روى ابن حزم القول بمشروعيتهما عن جماعة من الصحابة

فمن شاء فليرجع إليه


و ما دل عليه الحديث

من جواز الصلاة و لو نفلا بعد صلاة العصر و قبل اصفرار الشمس

هو الذي ينبغي الاعتماد عليه في هذه المسألة التي كثرت الأقوال فيها

و هو الذي ذهب إليه ابن حزم تبعا لابن عمر رضي الله عنه

كما ذكره الحافظ العراقي و غيره

فلا تكن ممن تغره الكثرة , إذا كانت على خلاف السنة


ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن علي رضي الله عنه بلفظ :

( لا تصلوا بعد العصر , إلا أن تصلوا و الشمس مرتفعة )

أخرجه الإمام أحمد ( 1 / 130 ) : حدثنا إسحاق بن يوسف :

أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي الله عنه

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( فذكره )

قلت :

و هذا سند جيد , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين

غير عاصم و هو ابن ضمرة السلولي و هو صدوق ؛ كما في " التقريب "

وصححه ابن خزيمة (2/265)

قلت :

فهذه الطريق مما يعطي الحديث قوة على قوة

لاسيما و هي من طريق عاصم الذي روى عن علي أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي بعد العصر

فادعى البيهقي من أجل هذه الرواية إعلال الحديث

و أجبنا عن ذلك بما تقدم

ثم تأكدنا من صحة الجواب ؛ حين وقفنا على الحديث من طريق عاصم أيضا

فالحمد لله على توفيقه



2- عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(1) (لا تصلوا عند طلوع الشمس , و لا عند غروبها فإنها تطلع و تغرب على قرن شيطان

و صلوا بين ذلك ما شئتم )

حسن . الصحيحة برقم ( 314 )


عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(2) ( لا تصلوا بعد العصر ؛ إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة )

صحيح . الصحيحة تحت حديث الترجمة


قال - رحمه الله - :

و في هذين الحديثين دليل

على أن ما اشتهر في كتب الفقه من المنع عن الصلاة بعد العصر مطلقا

- و لو كانت الشمس مرتفعة نقية –

مخالف لصريح هذين الحديثين

و حجتهم في ذلك الأحاديث المعروفة في النهي عن الصلاة بعد العصر ؛ مطلقا

غير أن الحديثين المذكورين يقيدان تلك الأحاديث ؛ فاعْلمْه


(3) يُذكر عن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم :

( كان يصلي بعد العصر ، وينهى عنها ، ويواصل وينهى عن الوصال )

منكر . الضعيفة برقم ( 945 )


قال - رحمه الله - :

و قد صح ما يعارض ( هذا الحديث )

و هو ما أخرجه أحمد ( 6 / 125 ) عن المقدام بن شريح عن أبيه قال :

"‎سألت عائشة عن الصلاة بعد العصر ?

فقالت : صل ,‎إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومك أهل اليمن عن الصلاة إذا طلعت الشمس "


قلت :‎

و سنده صحيح على شرط مسلم

و وجه المعارضة واضح منه ‎

و هو قولها " صل " فلو كان عندها عِلْم بالنهي الذى رواه ابن إسحاق عنها

لما أفتت بخلافه إن شاء الله تعالى

بل لقد ثبت عنها أنها كانت تصلي بعد صلاة العصر ركعتين

أخرجه البخاري ( 3 / 82 ) و مسلم ( 2 / 210 )

فهذا كله يدل على خطأ حديث ابن إسحاق و نكارته ، و هذا من جهة الصلاة

و أما من حيث الوصال

فالنهي عنه صحيح ثابت في الصحيحين و غيرهما عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم


ثم إن الحديث يخالف من جهة ثانية حديث أم سلمة المشار إليه ‎

فإن فيه :‎"‎فقالت أم سلمة , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

ينهى عنهما (‎تعني الركعتين بعد العصر )‎ثم رأيته يصليهما

أما حين صلاهما فإنه صلى العصر ثم دخل و عندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلاهما

فأرسلت إليه الجارية , فقلت :‎قومي بجنبه فقولي له :‎تقول أم سلمة :

يا رسول الله إني أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين ,‎و أراك تصليهما ,‎فإن أشار بيده , فاستأخري عنه

قال : ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه

فلما انصرف , قال :‎يا بنت أبي أمية ! سألت عن الركعتين بعد العصر

إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلوني عن الكعتين اللتين بعد الظهر , فهما هاتان "


‎و وجه المخالفة

هو أن النهي عن الصلاة بعد العصر في الحديث متأخر عن صلاته صلى الله عليه وسلم بعدها

و في حديث أم سلمة أن النهي متقدم و صلاته بعده متأخر

و هذا مما لا يفسح المجال لادعاء نسخ صلاة الركعتين بعد العصر

بل إن صلاته صلى الله عليه وسلم إياهما دليل عن تخصيص النهي السابق بغيرهما


فالحديث دليل واضح على مشروعية قضاء الفائتة لعذر

و لو كانت نافلة بعد العصر ,‏و هو أرجح المذاهب

كما هو مذكور في المبسوطات

و الحديث

سكت عليه الحافظ في "‎الفتح " ( 2 / 51 )

و تبعه الصنعاني في " سبل السلام " ( 1 / 171 )‎

ثم الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 3 / 24 )

و سكوتهم الموهم صحته

هو الذي حملني على تحرير القول فيه ، و الكشف عن علته

و الله الموفق



ثم رأيت ابن حزم ذكره ( 2 / 265 ) من طريق أبي داود و لم يضعفه ‎

بل صنيعه يشعر بصحته عنده

فإنه أجاب عنه ( 2 / 268 )‎ بما يتعلق به من جهة دلالته

و وفق بينه و بين ما يعارضه من جواز الركعتين بعد العصر عنده

و لو كان ضعيف لضعفه و ما قصر , و لكنه قد قصر !


و رأيت أبا الطيب الشهير بشمس الحق العظيم آبادي

قد تنبه في كتابه "‎ إعلام أهل العصر ,‎بأحكام ركعتي الفجر " ( ص 55 )‎

لعلة أخرى في الحديث فقال :

" و هذا معارض بما أخرجه مسلم و النسائي و غيرهما عن عبد الله بن طاووس عن أبيه

عن عائشة أنها قالت : وَهِمَ عمر

إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس و غروبها

فإنما مفاد كلامه في رواية ذكوان (‎يعني في حديث ابن إسحاق )

أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر

و مفاد كلامها في رواية طاووس أن النهي يتعلق بطلوع الشمس و غروبها

لا بفعل صلاة الفجر و العصر "


قلت :

و هذه معارضة أخرى تضاف إلى المعارضتين السابقتين

و هي مما تزيد الحديث ضعفا على ضعف

ــــــــــــــــــــ

نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد
عبد اللطيف بن محمد بن أبي ربيع
( المجلد الأول / ص : 402 -404 ، 306 - 311 )
 
Top