تعريف الأنام بمقاصد الإسلام
فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ
www.asaala.net
إنّ الشريعةَ الإسلامية ومِن منطَلقِ حِرصها على إسعادِ البشريّة وتحقيق الخير والفلاح للخليقة قد جاءت أحكامُها لمقاصدَ عاليةٍ وتحقيق غايات فاضلةٍ وأهدافٍ سامية، تلكم هي المقاصدُ الشرعيّة التي هي علمٌ من علوم الشريعة، حظِيت من المحقِّقين باهتمامٍ بالغ وعناية فائقة، ذلكم أنّ أيّ تصرُّفٍ يتصرّفه المسلم مهما حسُنت النوايا يجب أن يكونَ متَّفِقا مع مقاصدِ الدين، متمشِّيًا مع سنّة سيّد الأنبياء والمرسلين، حتى لا يهدم المرءُ إسلامَه من حيث لا يشعُر، ولا يُفسِد دينَه من حيث لا يعقِل، وحينئذٍ مَتى حصلتِ المخالفة لمقاصد الدين حصَل الضلال والإضلال والضررُ والفساد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في حَقّ الخوارج الذين خرَجوا على صحابةِ رسول الله: "وقلَّ من خرَج على ذي السُّلطان إلاّ وتولَّد على فِعله من الشرِّ أعظمُ ممّا تولَّد من الخير إلى أن قال -رحمه الله-: فما أقاموا دنيا، ولا أبقَوا دينًا" انتهى[1].
ويقول ابن القيم -رحمه الله- بعد أن قرّر مجيءَ الشريعةِ لمصالح العباد: "وهذا فصلٌ عظيمُ النفع جدًّا، وقع بسبَب الجهل به غلطٌ عظيم على الشريعة" انتهى[2].
وإنَّ أمّتنا وهي تعاني ما تعاني من الشدائدِ والمِحن لفي ضرورةٍ لتفهُّم المقاصد العامَّة لهذا الدين، وفي حاجةٍ ماسَّة لدراسة أهداف شريعة الإسلام والتعمُّق فيها والعَمَل على وقفها؛ لإصلاح المنهَج النظريّ العلميّ والمنهج العمليّ الاجتماعي التطبيقي، خاصّة شباب الإسلام الذين هم عِماد الأمة ومصدرُ قوّتها. نعم، إنَّ الواجبَ عليهم التبصُّر في مقاصد دينهم والوعيُ التامّ لها؛ ليتجنّبوا سوءَ المأخَذ وفساد الاستنتاج وقُبحَ الأعمال، وحتى تترقَّى مداركُهم وتظهرَ جهودُهم في أجمل المظاهرِ التي أرادها هذا الدين، ولتنبع أفعالهم من روحِ الإسلام وتنساق من مقاصِده وتوفِي بحاجات الدّعوةِ وتواكِب مقتضياتِ الزمان وتغيُّرات العصر.
مقاصِدُ الشريعة ترجِع في أصلها وتعود في مُجمَلها إلى تحقيق القاعدةِ الكلّية الكُبرى: الحرصُ الشديد على جَلب المصالح وتكثيرها، والتأكيدُ البالِغ على دَرء المفاسد وتقليلها. ومِن هنا فالغاية الجامعةُ والمقصَد العامّ من التشريع في الإسلام بعد تحقيق العبُوديّة لله هو حِفظ نظامِ الأمّة واستدامةُ صلاحها بعمارةِ الأرض، وحِفظُ نظام التعايُش فيها، والحرصُ على حِفظ نظام العالمَ وضبطِ تصرُّفات الناسِ فيه على وجهٍ يعصِم من التفاسُد والتهالك، يقول -جل وعلا-: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} [الأعراف:56]، ويقول -سبحانه-: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد:22، 23]، ويقول -جل وعلا-: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة:64].
من المقاصدِ العليا للإسلام في هذه الحياة إقامةُ العدلِ بشتَّى صُوَره وإشاعة الرحمةِ بين الخلق بأوسَع معانيها وتحقيقُ الإحسان في جميع مجالاته، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل:90]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء107]، {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة:83]، ونبينا يقول: ((إنَّ الله كتَب الإحسانَ على كلِّ شيء)).[3]
فضيلة الشيخ حسين آل الشيخ
www.asaala.net
إنّ الشريعةَ الإسلامية ومِن منطَلقِ حِرصها على إسعادِ البشريّة وتحقيق الخير والفلاح للخليقة قد جاءت أحكامُها لمقاصدَ عاليةٍ وتحقيق غايات فاضلةٍ وأهدافٍ سامية، تلكم هي المقاصدُ الشرعيّة التي هي علمٌ من علوم الشريعة، حظِيت من المحقِّقين باهتمامٍ بالغ وعناية فائقة، ذلكم أنّ أيّ تصرُّفٍ يتصرّفه المسلم مهما حسُنت النوايا يجب أن يكونَ متَّفِقا مع مقاصدِ الدين، متمشِّيًا مع سنّة سيّد الأنبياء والمرسلين، حتى لا يهدم المرءُ إسلامَه من حيث لا يشعُر، ولا يُفسِد دينَه من حيث لا يعقِل، وحينئذٍ مَتى حصلتِ المخالفة لمقاصد الدين حصَل الضلال والإضلال والضررُ والفساد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في حَقّ الخوارج الذين خرَجوا على صحابةِ رسول الله: "وقلَّ من خرَج على ذي السُّلطان إلاّ وتولَّد على فِعله من الشرِّ أعظمُ ممّا تولَّد من الخير إلى أن قال -رحمه الله-: فما أقاموا دنيا، ولا أبقَوا دينًا" انتهى[1].
ويقول ابن القيم -رحمه الله- بعد أن قرّر مجيءَ الشريعةِ لمصالح العباد: "وهذا فصلٌ عظيمُ النفع جدًّا، وقع بسبَب الجهل به غلطٌ عظيم على الشريعة" انتهى[2].
وإنَّ أمّتنا وهي تعاني ما تعاني من الشدائدِ والمِحن لفي ضرورةٍ لتفهُّم المقاصد العامَّة لهذا الدين، وفي حاجةٍ ماسَّة لدراسة أهداف شريعة الإسلام والتعمُّق فيها والعَمَل على وقفها؛ لإصلاح المنهَج النظريّ العلميّ والمنهج العمليّ الاجتماعي التطبيقي، خاصّة شباب الإسلام الذين هم عِماد الأمة ومصدرُ قوّتها. نعم، إنَّ الواجبَ عليهم التبصُّر في مقاصد دينهم والوعيُ التامّ لها؛ ليتجنّبوا سوءَ المأخَذ وفساد الاستنتاج وقُبحَ الأعمال، وحتى تترقَّى مداركُهم وتظهرَ جهودُهم في أجمل المظاهرِ التي أرادها هذا الدين، ولتنبع أفعالهم من روحِ الإسلام وتنساق من مقاصِده وتوفِي بحاجات الدّعوةِ وتواكِب مقتضياتِ الزمان وتغيُّرات العصر.
مقاصِدُ الشريعة ترجِع في أصلها وتعود في مُجمَلها إلى تحقيق القاعدةِ الكلّية الكُبرى: الحرصُ الشديد على جَلب المصالح وتكثيرها، والتأكيدُ البالِغ على دَرء المفاسد وتقليلها. ومِن هنا فالغاية الجامعةُ والمقصَد العامّ من التشريع في الإسلام بعد تحقيق العبُوديّة لله هو حِفظ نظامِ الأمّة واستدامةُ صلاحها بعمارةِ الأرض، وحِفظُ نظام التعايُش فيها، والحرصُ على حِفظ نظام العالمَ وضبطِ تصرُّفات الناسِ فيه على وجهٍ يعصِم من التفاسُد والتهالك، يقول -جل وعلا-: {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا} [الأعراف:56]، ويقول -سبحانه-: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد:22، 23]، ويقول -جل وعلا-: {وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة:64].
من المقاصدِ العليا للإسلام في هذه الحياة إقامةُ العدلِ بشتَّى صُوَره وإشاعة الرحمةِ بين الخلق بأوسَع معانيها وتحقيقُ الإحسان في جميع مجالاته، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل:90]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء107]، {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة:83]، ونبينا يقول: ((إنَّ الله كتَب الإحسانَ على كلِّ شيء)).[3]