هل تريد أن تكون من أصحاب الوعي والبصيرة

abou khaled

Junior Member
هل تريد أن تكون من أصحاب الوعي والبصيرة ؟
: «بين الحقّ والباطل أربعة أصابع ، الباطل أن تقول سمعت والحقّ أن تقول رأيت» .



فبعض الشبان والفتيات يصدقون كلّ ما يسمعون ، ويسلّمون بكلّ ما يصل إلى أسماعهم ، ويثقون بكل قول دون تمحيص ولا فحص دقيق لا للقائل ولا للقول .



القرآن الكريم ينهى عن التصديق الخالي من التثبّت والتحقيق (يا أ يُّها الذين آمنوا إن جاءكمف اسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )



والتبين هو التدقيق والتوثيق قبل التسليم والتصديق .

أصحاب البصائر والوعي الراجح لا يصدقون الأقوال على علاّتها ولا يأخذونها على عواهنها ، أو أخذ المسلّمات والبدهيات ،



وإنّما يطرحون أسئلة تقودهم إلى معرفة الحقيقة : مَنْ هو القائل ؟ وماذا قال ؟ ولماذا قال ذلك ؟ وأين قاله ؟ ومتى ؟ وماذا عن أقواله السابعة ؟ ومَنْ كان شاهداً على ما قال ؟ وكيف قاله ؟ أي في أيّ سياق جاء ؟ .. إلخ .



ذلك لأنّ الإجابة عن هذه الأسئلة ترفد البصيرة بزخم من الوعي كبير . ولذا قيل : «مَنْ رأى ليس كمن سمع» لأنّ الرؤية العينية شهادة حضور وليست شهادة غيابية ، والسماع نقل والنقل ليس دقيقاً دائماً ،



بل غالباً ما يتدخل الناقل في تجويره وتزويقه وزيادته أو الحذف منه ، ولو قارنت ما سمعت وما قال القائل لرأيت الفرق واضحاً . وفي ذلك يقول الشاعر :

سمع الناس من الناسِ وغضّوا الأعينا***فاستمالوا وأنا من بينهم أذني عيناً وعيني أذناً ولأجل أن تكون البصيرة مستنيرة أكثر ،

فإنّها أحياناً تأخذ القول مجرداً أو بمعزل عن قائله بناء على التوصية «اُنظر إلى ما قيل لا إلى مَنْ قال» فقد يكون في القول حكمة ولكن قائلها لا يعمل بها ،



فلتكن أنت المستفيد من حكمته ، ولذا جاء في الحديث : «الحكمة ضالّة المؤمن أينما وجدها أخذها ولو من منافق» .



الوعي يتطلب أن أميّز المنافق والمنافقين لكنّه لايمنعني من الإفادة من كلمات حق أو كلمة تأتي على السنة أهل النفاق .



معرفة المعيار :



إذا غاب المعيار أو المقياس أو الميزان ، وإذا تعدّدت المقاييس وأصبحت خاضعة للأمزجة والأذواق والاجتهادات الشخصية ، غابت البصيرة أو تلاشت .



فالوعي لا يقوم إلاّ على معايير واضحة ودقيقة ، فحينما يلتبس الأمر على أحد المقاتلين في صفوف جيش الإمام علي (عليه السلام) في معركة (صفين)



فلا يدري هل الحق إلى جانبهم أم إلى جانب عدوّهم ، يقول له الإمام : «إنّك لملبوسٌ عليك ، اعرف الحقّ تعرف أهله ، واعرف الباطل تعرف أهله» .



وقال لآخر : «إنّما يُعرفُ الرجالُ بالحقّ ولا يُعرفُ بالرجال» . أي أنّ الحقّ هو المعيار وليس الأشخاص مهما انتصروا للحقّ أو انتصر الحقّ بهم ،



أللّهمّ باستثناء الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) فهم أهل الحقّ الذي لا ريب فيه ، أي أنّ الحق لا يمكن فقط أن يكون صورة معلّقة في الذهن إذ لا بدّ من تجسيد أو صورة حيّة للحق المتحرك الناطق ، وأولئك هم الأنبياء (عليهم السلام) .



اعرف المقياس أو المعيار الذي تقيس به الأمور ..

ولتكن لديك مسطرة تقيس بها .. وإلاّ تشابكت عليك الأمور واختلطت ، إذ لا بدّ للوعي من معايير يعتمدها وإلاّ لما قيل عنه إنّه وعي .
 
Top