Q and Ans

a_stranger

Junior Member
Q. :
هذه المعاني دقيقة جداً ، وحساسة ، لنبدأ بالذنب الذي لا يغفر ،  إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ  .
[النساء
Ans:
أجمع علماء التفسير على التعقيب التالي : ما لم يتب ، لو أن الذي أشرك بالله تاب قبِله الله عز وجل ، العبرة ألا يموت مشركاً .
الحقيقة أن هذا المعنى يحتاج إلى توضيح ، ما معنى أن الله لا يغفره ؟ يعني ضاقت رحمة الله على أن يغفر ذنب المشرك ، لا ، ليس هذا هو المعنى ، رحمة الله وسعت كل شيء ، لكن إنك أردت أن تذهب مثلاً إلى طرابلس ، وهناك مبلغ كبير وُعِدتَ أن تأخذه ، لو ركبت سيارة ، وهناك عدة متاعب في أثناء هذه السفرة ، هذه المتاعب مقبولة ، لكن السيارة في الطريق إلى طرابلس ، وسوف تأخذ المبلغ هناك ، أمّا الخطأ الذي لا يغتفر فأن تركب سيارة تتجه إلى صيدا ، من هو المشرك ، الذي اتجه إلى غير الله ، غير الله ما عنده شيء ، لا عنده عطاء ، ولا عنده توفيق ، ولا عنده قبول ، ولا عنده شيء ، فكأن الذي يشرك يتجه إلى جهة لا تملك شيئاً ، إنسان مريض مرضًا شديدًا ينبغي أن يتجه إلى مستشفى كي يعالج ، أمّا إذا اتجه إلى معمل المعمل فلا يعالجه ، فمعنى قول الله عز وجل :

( سورة النساء الآية : 48 ) .
أي إنك إذا اتجهت إلى غير الله كيف تنتظر من الله العطاء ؟ إنك متوجهاً إلى غيره ، ترضي غيره ، ترجو غيره ، تخاف من غيره ، تعقد الأمل على غيره ، إن هذا الطريق مسدود ، ليس المعنى جبري ، لكن المعنى تقريري ، أنه إذا اتجهت إلى غير الله فلن تجد شيئاً ، فالذي تتجه إليه لا يملك أن يغفر لك الذنب .
مرة أحد الخلفاء دخل الحرم المكي ، والتقى بعالم جليل ، قال : سلني حاجتك ، يعني تقرب إليّ ، قال : والله إني لأستحي أن أسال غير الله في بيت الله ، فلما لقيه خارج البيت قال له : سلني حاجتك ، قال : والله ما سألتها من يملكها أفأسألها من لا يملكها ، فلما أصر عليه قال : أدخلني الجنة ، قال : هذه ليست لي ، قال له : إذن ليس لي عندك حاجة ، حاجتي بلوغ الجنة .
إذاً : الإنسان حينما يتجه إلى غير الله يتجه إلى لا شيء ، وهذه مشكلة المشرك ، يعقد عليه الآمال ، يرجو رحمته ، يخشى عذابه ، ينتظر عطاءه ، فلما وصل إليه وجده لا شيء ، هذه الحالة في علم النفس خطيرة جداً ، اسمها حالة الإحباط ، هؤلاء المشركون حالاتهم حالات إحباط مستمر ، فكلما اتجهوا إلى غير الله خاب ظنهم .

( سورة فاطر الآية : 14 ) .
لذلك هذا الذي يدعو الله ، هو حتماً مؤمن بوجوده ، هو حتماً مؤمن أنه يسمعه ، هو حتماً مؤمن أنه قادر على تلبية طلبه ، هو حتماً مؤمن أنه يحب أن يلبي طلبه ، إيمان بوجوده ، وبسمعه ، وبقدرته ، وبرحمته ، لذلك قال تعالى :

( سورة الفرقان الآية : 77 ) .
لأنكم تدعون الله فالله يعبأ بكم ، ويغفر لكم ، ويقربكم ، أما الذي يدعو غيره فإنه يتجه إلى لا شيء ، هنا المشكلة ، فهذا الذنب لا يغفر ، ليس معنى هذا أن هذا الذنب لا يتاب منه ، يتاب منه إذا تاب الإنسان من الشرك غفر الله له ، أما أن يبقى مصراً على شركه ، وتغفر ذنوبه ، هذا هو المستحيل .
 
Top