كيف تكسب الآخرين

ayman

La Ilaha Illa Allah
Staff member
كيف تكسب الآخرين
حينما يقرأ الإنسان قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من أن يكون لك حمر النعم )) رواه البخاري (3009) .

يتلهف لئن يكسب أكبر قدر ممكن من قلوب الناس لهدايتهم ودلالتهم إلى الطريق المستقيم ليفوز بالمغنم الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم ،ومن خلال استعراض النصوص الشرعية يتبين لك عدة طرق لكسب الآخرين فمن تلك الطرق والوسائل:

أولاً : الانقياد لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم

من أعظم أسباب التأثير على الآخرين أن يكون الإنسان منقادا لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري ( 2309) ومسلم ( 2636) .

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض )).

قال الحافظ في الفتح : ( وَالْمُرَاد بِالْقَبُولِ فِي حَدِيث الْبَاب قَبُول الْقُلُوب لَهُ بِالْمَحَبَّةِ وَالْمَيْل إِلَيْهِ وَالرِّضَا عَنْهُ , وَيُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ مَحَبَّة قُلُوب النَّاس عَلَامَة مَحَبَّة اللَّه .

وَالْمُرَاد بِمَحَبَّةِ اللَّه إِرَادَة الْخَيْر لِلْعَبْدِ وَحُصُول الثَّوَاب لَهُ , وَبِمَحَبَّةِ الْمَلَائِكَة اِسْتِغْفَارهمْ لَهُ وَإِرَادَتهمْ خَيْر الدَّارَيْنِ لَهُ وَمَيْل قُلُوبهمْ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُطِيعًا لِلَّهِ مُحِبًّا لَهُ , وَمَحَبَّة الْعِبَاد لَهُ اِعْتِقَادهمْ فِيهِ الْخَيْر وَإِرَادَتهمْ دَفْع الشَّرّ عَنْهُ مَا أَمْكَنَ )

ثانياً : الابتسامة على محياك

للابتسامة أثرها الفعال وسحرها الحلال في رسم صورة مشرقة في قلوب الآخرين وأخذ انطباع جميل عمن تراه كذلك ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم دائماً مبتسماً كما قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه : (( ولا رآني إلا تبسم في وجهي )) رواه البخاري (3036) ومسلم (2475) بل تعدى الأمر إلى أعظم من ذلك وهو جعل الابتسامة في وجه إخوانك من الصدقة عليهم .

فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة )) رواه الترمذي (1956) .

ولذلك إذا أردت أن تؤثر على الآخرين وتكسب قلوبهم فعليك بالابتسامة في وجوههم ، علماً أن هناك مواطن لا يحسن التبسم فيها كالعزاء ونحوها ولكن الأصل في غير مواطن معينة أن يكون الإنسان مبتسماً.

ثالثاً : حسن الخلق

روى البخاري في صحيحه (3763) عن عبد الله بن عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن من أحبكم إلي أحسنكم أخلاقاً )) .

وروى الترمذي ( 1975) عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( خياركم أحاسنكم أخلاقا )) .

قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وَلِلْبُخَارِيِّ فِي الْأَدَب الْمُفْرَد وَابْن حِبَّان وَالْحَاكِم وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث أُسَامَة بْن شَرِيك : (( قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه مَنْ أَحَبُّ عِبَاد اللَّه إِلَى اللَّه ؟ قَالَ : أَحْسَنهمْ خُلُقًا " وَفِي رِوَايَة عَنْهُ " مَا خَيْر مَا أُعْطِيَ الْإِنْسَان ؟ قَالَ : خُلُق حَسَن " وَلِلْبَزَّارِ بِسَنَدٍ حَسَن مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة رَفَعَهُ " إِنَّكُمْ لَنْ تَسَعُوا النَّاس بِأَمْوَالِكُمْ , وَلَكِنْ يَسَعهُمْ مِنْكُمْ بَسْط الْوَجْه وَحُسْن الْخُلُق )) .

ولذلك ينبغي للإنسان أن يدعو الله تعالى أن يرزقه حسن الخلق كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وأن يجتهد أن يتطبع على الأخلاق الفاضلة تدريجياً حتى يكون طبعاً له بإذن الله تعالى .
رابعاً : الهدية

الهدية جالبة للمحبة، ومشيعة للود والسرور بين المتهادين ، وقد صدق رسول الله عليه وسلم حينما قال : (تهادوا تحابوا ) حسنه ابن حجر في البلوغ ص 277

قال القرطبي في تفسيره(13/176) : ( الهدية مندوب إليها وهي مما تورث المودة وتذهب العداوة ) وقال: "ومن فضل الهدية مع إتباع السنّة أنها تزيل حزازات النفوس وتكسب المُهدي والمُهدَى إليه رنة في اللقاء والجلوس".

وقال في المجموع شرح المهذب (15/367): "الهبة مندوب إليها لما روت عائشة _رضي الله عنها_ أنّ النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال: "تهادوا تحابوا".فجميل بالإنسان أن يبعث بالهدية بين الفينة والأخرى إلى من يريد كسبه والتأثير عليه لعل الله أن يفتح عليه سواء كان والداً أو والدة أو أخاً أو أختاً أو قريباً أو صديقا ، ولقد أحسن القائل :

هدايا الناس بعضهم لبعــض ... تولد في قلوبهم الوصـالا

وتزرع في الضمير هوى وودا ... وتكسبهم إذا حضروا جمالا

وقال الآخر :

إن الهدايا لها حظ إذا وردت ... أحظي من الابن عند الوالد الحدب

خامساً : سلَّم عليه

من وسائل كسب الآخرين إفشاء السلام على من عرفت ومن لا تعرف ، على الصغير والكبير ، العزيز والحقير ، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أثر السلام على النفوس وأنه من أسباب المحبة يقول صلى الله عليه وسلم : ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم )) رواه مسلم (54) قال الإمام النووي رحمه الله في شرح الحديث : (وَفِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلَام وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ ; مَنْ عَرَفْت , وَمَنْ لَمْ تَعْرِف , كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيث الْآخَر . وَالسَّلَامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّأَلُّف , وَمِفْتَاح اِسْتِجْلَاب الْمَوَدَّة . وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكَّنُ أُلْفَة الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ , وَإِظْهَار شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل , مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس , وَلُزُوم التَّوَاضُع , وَإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ )

ولكن ينبغي لمن استعمل هذه الوسيلة أن يتنبه إلى ما يلي :

* أن يصحب السلام ابتسامة في الوجه .

* أن يقبل على المسلم عليه بوجهه وجسمه .

* أن يشعر المسلم عليه بحرارة السلام .

* أن يكون السلام بتواضع للمسلم عليه .

سادساً : قدم خدماتك للناس

إن من يسعى في خدمة الناس وقضاء حوائجهم يستطيع بإذن الله أن يكسب قلوبهم ، بل إن خدمتك للناس من أجل الإعمال ، بل إنها من الأعمال التي يحبها الله تعالى ، بل فضلها النبي صلى الله عليه وسلم على الاعتكاف وأين ؟ في مسجده الذي تضاعف فيه الصلاة عن ألف صلاة !! ومع ذلك السعي في قضاء حوائج الناس أفضل من الاعتكاف ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، و أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم، أو يكشف عنه كربة، أو يقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، و لأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد، يعني مسجد المدينة شهرا )) صححه الألباني في السلسلة ( 906) .

ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجد هذا الأمر واضحاً في حياته وتصرفاته فهو يذهب مع الجارية حتى يقضي حاجتها صلى الله عليه وسلم ، فهل يحتذي الدعاة والمصلحون حذو رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الجانب العظيم ؟

وينبغي لمن خدم الناس أو سعى في حوائجهم ألا يشعر أحد منه بمنّة وأذى حتى تقع الخدمة موقعها ويحصل الأثر المرجو فيها من الأجر والثواب .

سابعاً : نادهم بأحب الأسماء إليهم

ليس من اللائق أبدا أن ينادي الإنسان غيره بأوصاف مقززة لأنها تثير الأحقاد والضغائن في النفوس ، وتقطع أواصل المحبة في القلوب ، والهدي النبوي في هذا أن تنادي الناس بأحب الأسماء إليهم ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ثلاث يصفين لك ود أخيك :تسلم عليه إذا لقيته ، وتوسع له في المجلس ، وتدعوه بأحب أسمائه إليه )) [ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2572)] .

وكان صلى الله عليه وسلم ينادي الناس بأحب أسمائهم, حتى الأطفال الصغار وكان يكنيهم أحياناً ((يا أبا عمير ما فعل النغير ؟)) [ رواه البخاري ومسلم ] وأبو عمير طفلٌ صغير .

وسؤلك للأخ عن اسمه مؤشر على اهتمامك به ودليل على حرصك عليه ، خاصة إذا بدأت تكرار اسمه أثناء حديثك معه، عندها يشعر أنك مهتم به وليس كما يفعل البعض يسأل عن الاسم ولو سألته مرة أخرى عن اسمك لم يحر جوابا!!

عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إذا آخيت أخا فسله عن اسمه، واسم أبيه، فإن كان غائبا حفظته، وإن كان مريضا عدته، وإن مات شهدته)) رواه البيهقي [ ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (270)] وعن يزيد بن نعامة الضبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إذا آخى الرجل فليسأله عن اسمه واسم أبيه وممن هو، فإنه أوصل للمودة)) [رواه الترمذي وقال غريب ولا يعرف ليزيد بن نعامة سماع من النبي صلى الله عليه وسلم]

وهكذا إذا أردت أن تكسب الآخرين فاذكر أسماءهم لأن اسم الرجل هو من أقرب الطرق لكسبه.

ثامناً : أشكرهم وأمدحهم بما هم أهله

النفس بطبيعتها تحب أن تشكر وأن تمدح ، إذن لماذا لا نشكر الناس على فعلهم ؟ ولماذا لا نُثني عليهم بما هم أهله ويستحقونه خاصة إذا لم يترتب على هذا الثناء فتنة ؟!وليس فيه مبالغة ولا كذب،وتأمل منهج النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك :

عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في أمر الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح )) رواه الترمذي وصححه الألباني .

وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من لا يشكر الناس لا يشكر الله )) رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني .

وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : (( اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ، فأكرم الأنصار والمهاجرة )) [ متفق عليه ] .

عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوا به فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه)) [رواه أبو داود وصححه الألباني ] .

تاسعاً : كن متواضعاً ولا تتعالا على الناس

إن من أسباب كسب الناس أن يتواضع المرء لهم ، وأن لا يشعر الناس منه أنه متعال عليهم أو أنه ينظر إليهم من برج عاج .

ومن أعظم الناس تواضعاً نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فكان يدخل الداخل عليه فيسأل أين محمد ؟!! ليس له مكان خاص به !! وكان صلى الله عليه وسلم يجلس حيث انتهى به المجلس ، وكن يسلم على الصبيان ويمازحهم ، وكان يقف مع الأمة حتى تقضي حاجتها منه صلى الله عليه وسلم .

وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن التواضع رفعة للإنسان فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )) رواه مسلم .

قال الإمام النووي رحمه الله : ( فيه أيضا وجهان أحدهما يرفعه في الدنيا ويثبت له بتواضعه في القلوب منزلة ويرفعه الله عند الناس ويجل مكانه والثاني أن المراد ثوابه في الآخرة ورفعه فيها بتواضعه في الدنيا) .

قال الحسن رحمه الله: هل تدرون ما التواضع؟ التواضع: أن تخرج من منزلك فلا تلقى مسلماً إلا رأيت له عليك فضلاً .

وصدق القائل :

تواضع تكن كالنجم لاحا لناظر على صفحات الماء وهو رفيع

ولا تك كالدخان يعلو بنفســه إلى طبقات الجو وهو وضيـع

فأقبح شيء أن يرى المرء نفسه رفيعا وعند العالمين وضــيع

منقول
جزى الله من كتب هذا المقال خيرا
_
 
Top